|وقفت ازود سيارتي بالبنزين من احدى المحطات داخل المدينة.. هرع اليَّ أحد الوافدين من الجنسية (البنجلاديشية) ويبدو عليه اثر العوز والحاجة، وطلب مساعدتي بما يعينه على الظرف الذي يعيشه.. ويؤكد انه لم يفطر ولم يتغد وانه يلجأ في بعض الأحيان لالتقاط بعض بقايا المأكولات من براميل النفايات لسد رمقه.. معللا حالته بأن المؤسسة التي ينتمي اليها (كفالة) لم تصرف له ولزملائه رواتبهم منذ (عشرة أشهر) رغم شكاواهم المستمرة والتي يصاحبها الاضراب عن العمل احيانا. | أعطيته المتيسر.. واخذت افكر في أسباب المشكلة التي لم تكن حديثة العهد، فقد سبق أن تناولت موضوعاً كهذا في فترة سابقة اتضح لي من خلاله ان عمال احدى المؤسسات تقدموا بشكوى للحاكم الاداري يشكون فيها كفيلهم بعدم صرف رواتبهم لبضعة أشهر.. وعند سؤاله افاد ان الجهة الحكومية التي يتعامل معها لم تصرف مستحقاته لفترة طويلة وليس لديه ما يفي بحقوق عماله، واتضح أخيراً انه المتسبب في التأخير وليس كما جاء في اجابته. | قلت : معظم المؤسسات التي تستقدم عمالة خارجية هي على النحو التالي: | مؤسسات لا ترتبط لعمالها برواتب شهرية.. بل تطلق لهم حرية العمل في اي قطاع وفي أي مدينة مقابل مبالغ تتقاضاها منهم شهرياً وهم يتحملون مصاريفهم وسكنهم وكلما له علاقة بوجودهم بالمملكة من رسوم اقامة وتأشيرات ومخالفات اضافة الى المبالغ الكبيرة التي يتقاضاها الكفيل عن تجديد الاقامة أو نقل الكفالة أو تأشيرة السفر. | وفئة أخرى وهي التي تتعامل مع المشاريع الكبيرة للدولة وهذه المؤسسات كثيرا ما تضيع حقوق عمالها او يتأخر صرفها لهم رغم الملايين التي تتقاضاها مقابل المشاريع التي تنفذها وتدعي في ذلك بادعاءات واهية منها عدم صرف مستخلصاتها طرف الحكومة بينما تجدها المتسببة في التأخير. | وفئة ثالثة: مؤسسات صغيرة وأفراد تؤخر صرف رواتب وحقوق العاملين او العاملات لديها بحجة عدم هروبهم، وهي نظرية مخالفة لنصوص العقد الذي ينص على صرف الحقوق اولا بأول (والعقد شريعة المتعاقدين). | ومن خلال هذه التصرفات المخالفة للشرع والعرف والقانون والتي تكون السبب في لجوء بعض العمالة الوافدة (للشحاذة.. والسرقة) وبعض الأعمال الاخرى التي قد تضر بأمن البلاد واستقرارها.. وضياع الحقوق والتخلي عن المسؤوليات. | ان سمعة بلادنا منبع الحق والعدل والنور.. ومحاربتها للظلم والاضطهاد بشتى أنواعهما والتلاعب بحقوق الآخرين .. لا تقبل مثل هذه التصرفات والتجاوزات الشائنة، فمبدأها في هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (اعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه). | أجل.. كيف نقضي على هذه الظاهرة المتجددة فالذي أعرفه ان الحصول على تراخيص فتح مؤسسات يخضع لآليات دقيقة من أهمها : (تقديم ضمانات مالية كتأمين) اذا تقاعس صاحب العمل عن الوفاء بحقوق عماله لأي سبب من الأسباب تصرف منه حقوقهم ويقاس على هذا وضع حقوق افراد المؤسسات الأخرى. | ان على من يضطر لاستقدام عمالة أجنبية مهما كان نوعها وتخصصها ان يراقب الله في تعامله معها وفي طليعة ذلك صرف حقوقها حسب نصوص العقود المبرمة معهم.. فقد أتوا الى بلادنا تحدوهم الحاجة وطلب الرزق الحلال وخلفوا وراءهم اسراً تحتاج الى من ينفق عليها شهريا.. وعلى الجهات المعنية في الدولة ممن تتعامل مع بعض الشركات في تنفيذ مشاريعها عدم تأخير صرف حقوقها المستحقة لأن في ذلك مدعاة لاحتجاج ملاك هذه الشركات في عدم صرف حقوق عمالها. | وختام القول : لو استرسلت في ايراد ما يواكب عمليات الاستقدام بداية حتى وصولها المملكة على مستوى الافراد والشركات وما يحدث لها بعد ذلك من تصرفات ومواقف مأساوية من كفلائها.. لما اتسعت له مساحة المكان مؤكداً ان تفضيل العمالة الوافدة للعمل ببلادنا على غيرها يفوق ما سواها من الدول الأخرى لأسباب من أهمها ثقتها وحبها للعمل في بلادنا.. بلاد الحرمين الشريفين لايمانها بصدق عدالتها في التعامل دنيا ودين.. وبالله التوفيق.