عرفت الدكتور القنيبط قبل حكاية (السكين والعظم) بقليل بتصريحاته التي أثارت جدلاً واسعاً حول دور مجلس الشورى وجامعة الملك سعود إلى الغمامة التي تحجب الرؤية عن صناع القرار. ومنذ ذلك الحين وأنا أتتبع مقالاته ثم لقاءاته وأخيراً تغريداته إلى أن جاء به لقاء الجمعة في تليفزيون روتانا ليطل كما هو دائماً هادئاً مُربكاً ومُحيّراً وواضحاً ولن أقول يائساً! كان اللقاء لمن يعرف الدكتور لا يحمل مفاجآت كثيرة فقد بدأ النّقاش عن مقالته الأخيرة التي نشرت في «الشرق» عن (الاستغفال) الذي مارسه صاحب معالٍ وكشف عما يراه استغفالا واضحا من وجهة نظره وتكلّم بوضوح عن قصّة العشق القديم بين الريال والدولار، قال الدكتور القنيبط كثيراً مما يقوله النّاس غالباً ويتم طرحه في الصحف من الكتّاب، غير أن أشد ما قاله هو (الكذب) حينما تحدّث عن السيّارة غزال! والكذب في مجتمعنا رغم أنه لا يحظى بشعبيّة واسعة كما ندّعي ولكن له عدّة أشكال ومسمّيات ويظهر أحياناً وهو يرتدي عباءة الصدق. إلّا أن الدكتور القنيبط على ما يبدو لايزال محتفظاً بالمسمّى القديم للكذب مما يزعج البعض، فهو على خبراته المتعدّدة لم يعرف بعد أن الكذب تطوّر كثيراً وتخلّى عن ماضيه الأسود وهو يتطور سريعاً من خلال (الكذب الأبيض) وأصبح يتجمّل كثيراً وظهر منه عدّة نسخ فائقة الجودة حتى تشابه الكذب والكذابون علينا، وأصبح الصادق متهماً بكذبة ما، كالتي يحاول البعض تمريرها كأن يقال إن وراء صدق الصادق ما وراءه من مطامع أو على الأقل توصف كلمة الصادق بكلمة الحق التي يراد بها الباطل، أما على المستوى الشعبي أحب أن أضيف لمعلومات الدكتور القنيبط أن هناك من يسمّي الكذبة ب(الأرنب) وهذه لطرافتها وسرعتها وعدم اللحاق بها وهناك من يسميها بال(الصاروخ) من متانتها وشدّة تأثيرها مما يعني أننا نمتلك صناعات جيّدة في هذا المجال. نعود إلى سيارة (غزال) ذلك المشروع الذي صفّق له الجميع ونسيه الجميع، ذلك الغزال الذي تحوّل إلى (أرنب) كبير حسب المصطلح الشعبي ولم يعد أحد يسأل عن مصيره ولا يعرف أحد أين ذهب ذلك الغزال الجميل وفي أي محميّة تم اقتناصه ومن أكل لحمه؟! ومن الذي لديه القدرة على اقتفاء أثره الآن هل هو مجلس الشورى أم «نزاهة»؟ الغريب أن مثل هذه المحاولات الجريئة من الدكتور القنيبط وغيره لم تفلح جميعها في كسر هذا الجمود والصمت الذي يقابل فيه الإعلام من بعض الجهات الرّسمية فهي لا ينفع معها لا مقال ولا مقابلة ولا تصريح ولا تلميح، ولأن الدكتور القنيبط أعرف النّاس بما يقول فقد اختار كلمة (كذب) ولم يجد كلمة مناسبة غيرها، فلعل صمتهم الآن أمام هذه الكلمة يؤكدها وإلا سيضطرون للخروج علينا بأرنب جديد أو حتى صاروخ جديد المهم أن يتحدّثوا!