جدة – عبدالعزيز الخزام اليونيسكو أثبتت قدرة المرأة السعودية على الإبداع تعد الدكتورة حياة سليمان سندي، باختصار، مثالاً لفتاة سعودية تقدم الإنجاز العلمي والثقافي، وتعمل، بكل تواضع، على نشر القيم في العلوم والثقافة والحياة عامة. نشأت سندي في أسرة تقليدية تضم ثمانية أخوة، ودرست في مدارس سعودية، وكانت تمارس لعبة «التخيل» في طفولتها، وانتهى بها الأمر حالياً إلى إنشاء مركز باسم «التخيل والبراعة»، وكذلك اختيارها ضمن أفضل 15 شخصية حول العالم ينتظر أن يغيروا وجه الأرض بأبحاثهم العلمية. ليس هذا فقط، فحياة سندي أصبحت أول امرأة سعودية يتم اختيارها لتكون سفيرة للعلوم في منظمة الأممالمتحدة للعلم والثقافة (اليونسكو). «الشرق» التقت الدكتورة حياة سندي بمناسبة الاحتفال بتكريمها مساء اليوم في إثنينية الأديب عبدالمقصود خوجة، وحاورتها في عدة قضايا علمية وثقافية، وكشفت عن مفاجأة تتمثل في كونها شاعرة، ولديها عدد من القصائد، الأمر الذي يفسر «حساسيتها» في التعامل مع الظواهر الكونية والعلمية. فإلى نص الحوار: تكريم ثان * تُكرّمين مرة أخرى في بلدك. - أنا سعيدة جداً بهذا التكريم الذي تفضلت به عليّ «الإثنينية»، خاصة وقد علمت أنني الشخص الأول الذي سيتم تكريمه بعد استئناف الإثنينية نشاطها الذي توقف نحو عام ونصف. أشكر الشيخ عبدالمقصود خوجة، والقائمين على الإثنينية، على هذا التكريم، وأشعر بالفخر لهذه المبادرات التي تدفعني نحو العطاء أكثر. تخيل وبراعة * كيف تصفين مشوار تلك الفتاة التي كانت تمارس لعبة «التخيل» في طفولتها، وانتهت إلى إنشاء مركز التخيل والبراعة؟ - البداية فعلاً كانت مع «التخيل»، والآن وصلت إلى مرحلة إنشاء مركز التخيل والبراعة، وهو خطوة ضمن خطوات كثيرة، ولكنها لن تكون الأخيرة. وما يمكنني أن أقوله هنا هو أن الإنسان الذي يضع لنفسه هدفاً ويتخيله، يتحقق على أرض الواقع، فإنه سيصل إلى هدفه بشكل أو بآخر. فإذا كان لدى الإنسان فكر وهدف فلا شك أنه سيقدم شيئاً للإنسانية، وكما قالوا «من سار على الدرب وصل». وبالنسبة لمركز التخيل والبراعة، فإنني أود الإشارة إلى أنه سيبدأ نشاطه، وسيتم افتتاحه في جدة الجمعة المقبلة، وفي هذا المركز أهدف إلى إعطاء المبتكرين الفرصة كي يطلقوا إبداعاتهم، ويؤسسوا شركاتهم في المنطقة. والمركز-بشكل عام- يستهدف بناء نظام إيكولوجي للمشاريع والابتكارات الاجتماعية للعلميين والتكنولوجيين والمهندسين. إخلاص وصبر * بعدما أصبحتِ مثلاً أعلى للفتيات، وحتى الشباب، حسب استطلاعات صحفية نشرت مؤخراً، ما هي رسالتك للشباب السعوديين بصورة عامة، وللفتيات بشكل خاص؟ - هذه مسؤولية، وفي الوقت نفسه فخر، لكوني أصبحت قدوة للشباب والشابات السعوديات، فالأصل هم قدوتي، وهم الذين يلهموني حتى أستمر وأعطي أكثر. الإنسان الذي يعطي ويمنح جهوده للمجتمع دائماً ما يمنح أشياء أخرى للناس، من دون أن يشعر بذلك. أحب أن يتخذ الشبان والشابات القيم العليا نبراساً لهم. أحب أن يؤمنوا بقيم الإخلاص والصبر والاجتهاد، وأن يكون للواحد منهم هدف في حياته، وأن يتأملوا قول الله تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». الإنجازات تأتي * حياة، ابنة مكةالمكرمة، نشأت في أسرة تقليدية تضم ثمانية أخوة، ودرست في مدارس سعودية. ماذا يعني لها اختيارها ضمن أفضل 15 شخصية حول العالم ينتظر أن يغيروا وجه الأرض بأبحاثهم العلمية؟ - هذه الإنجازات تجيء من نفسها إذا كان لك هدف محدد تتجه إليه. والحقيقة أن وجودي مع أفضل 15 شخصية علمية أعطاني شعوراً مختلفاً، ومنحني انطلاقة جديدة في حياتي. وأعود للقول إنه لابد أن يكون لك هدف في الحياة، وفي أي تخصص. تخييل المناصب * بعد اختيارك سفيرة لمنظمة اليونسكو، كأول سعودية تحقق هذا السبق، هل تخيلت نفسك تحققين سبقاً آخر، وتصبحين أول سعودية تترأس إحدى الجامعات السعودية، وربما أول وزيرة للتعليم العالي مثلاً؟ - كنت أتخيل كيف أقوم بعمل الابتكارات والاختراعات لخدمة المجتمع، أما المناصب فلا أتخيلها، وإنما هي تأتي من تلقاء نفسها. المناصب نتاج ترشيحات لا دخل لك بها. تخيلي للمناصب لم يكن غاية لي، وإنما غايتي هي تقديم ابتكارات علمية لخدمة الناس والمجتمعات. أنا أفعّل موهبتي لخدمة الناس. مناهج العلوم * هل اطلعت مؤخراً على مناهج العلوم الدراسية في المملكة العربية السعودية؟ - نعم. * ما هو الانطباع الذي تكون لديك؟ - أي دولة في العالم تطور مناهج العلوم لديها في كل ستة أشهر. العلوم الطبيعية دائماً ما تشهد ابتكارات ومستجدات في كل شهر، ولابد من المواكبة والمراجعة في كل ستة أشهر. وما نأمله أن تكون لدينا في كل سنة مراجعة وتقويم لمناهج العلوم، وأن نعمل لكي نماشي التقدم، ونعمل على تضمين الابتكارات الجديدة في مناهجنا. * بماذا تنصحين الفتيات السعوديات اللواتي يعدن سريعاً من تجربة الابتعاث، أو تلك الفتيات اللواتي يفكرن بالعودة؟ - قابلت طالبات وطلاباً مبتعثين. كلهم أمل في أن يعثروا على المناخ المناسب للعطاء والإبداع. وأدعوهم جميعاً إلى المثابرة والجد والإتقان، وأن يكون لديهم حب التعلم، واستغلال الفرص، وتطوير أنفسهم. يجب عليهم أن يتذكروا أنهم يتعلمون في أحسن جامعات العالم، وأن يأخذوا الأشياء البناءة من الحضارات الأخرى، وأن يحاولوا مساعدة الوطن، وكذلك لابد أن يهيأ لهم المناخ الملائم للعطاء عند عودتهم إلى الوطن. أحكام خاطئة * في إحدى القنوات الفضائية، قلتي أنك أسقطت النظرية الغربية التي ترى بأن غطاء الرأس لا يتماشى مع دراسة العلوم الطبيعية، فهل هناك نظريات أخرى تعتقدين أن على الفتاة السعودية أن تسقطها؟ - هناك نظريات أخرى يجدر بنا إسقاطها، ومنها المرأة السعودية التي يقولون بأنها غير قادرة على الإبداع، فبمجرد تعييني في اليونيسكو كسفيرة للعلوم، تراجع كثير عن مثل هذه الأحكام القطعية، وكذلك فإن هناك من يرى أن المرأة السعودية لا تهتم سوى بالتسوق ومسايرة أحدث أشكال الموضة، ولا تهتم بعقلها. الحمدلله أنني أثبت أن المرأة السعودية تستطيع بفكرها وعلمها وكفاحها أن تصل إلى أعلى القمم العلمية، وأن تكون سفيرة في منظمة اليونسكو للعلوم. شعر وأدب * أخيراً، ما هو النوع الأدبي الذي تستمتعين بقراءته، ولمن تقرأين بشكل عام؟ - أنا أحب الشعر. * وهل سبق أن كتبت الشعر؟ نعم، ولكنني أعتبره شيئاً خاصاً بي. أكتب الشعر في أوقات السفر، ولدي عدد من القصائد التي أحاول فيها كتابة تأملاتي ونظرتي للحياة بشكل عام. والحقيقة أنني أمارس القراءة الأدبية منذ الصغر، حيث كان أبي، رحمه الله، يحفزني دائماً على القراءة. أنا أقرأ في مختلف الأنواع الأدبية، لكنني أحب الشعر وأتذوقه. * ولمن تقرأين؟ - لدي قائمة مفضلة من الكتاب المفضلين في الأدب والدراما والمسرح، وغيرها. أحب القراءة والناس بشكل عام.