بعد أن هدأت الزوبعة التي سبّبتها المطالبة بتأنيث محلات بيع المستلزمات النّسائية، وبعد صدور قرار رسميّ مُلزم، أصبح منظر البائعات أمراً مألوفاً لدى غالبية النّاس حتى تلك الفئة التي شعارها «عارض تُعرف»، فهلّ ستثير دعوة جديدة إلى تأنيث محلات صيانة الأجهزة وبيع قطع الغيار والأجهزة المنزليّة والطبيّة -خاصةً تلك التي تتعامل معها المرأة كالحاسب الآليّ- الزوبعةَ مرةً أخرى؟ إنّ ما دعاني إلى كتابة هذا المقال هو ما روته إحدى الزميلات عندما قالت: تعطّل جهازي المحمول فذهبت به إلى الوكيل، وفي مركز الصيانة رأيت طوابير من الرجال الذين غصّت بهم الغرفة ممّا حدا بي إلى الوقوف في الممر في انتظار دوري، وبعد مرور ساعةٍ تقريباً أُقفل المركز لأداء الصلاة، فاضطررت إلى المكوث ريثما يعود الموظفون. بعض المراجعين ذهبوا إلى المسجد، وبعضهم فضّل الانتظار في الممر الذي كنتُ أقف فيه. تواريتُ قليلاً ثمّ عدت، فإذا بعدد الرجال قد تضاعف، وبينما أنا أقلّب ورقة صغيرة مُعَلّم عليها رقم دوري أقبل عليّ شابّ بزيّه السعوديّ، وقال في أدب جمّ: تفضلي -يا أختي- لاتقفي هكذا بين الرجال، فتبعتُه حتّى دخلتُ مكتب استقبال آخر، فأجلسني وطلب أوراقي، وبعد أن غاب بضع دقائق عاد ليصطحبني إلى أحد موظّفي الصيانة، وسمعتُه يهمس للموظف بأنْ يقدّموا النّساء ولايدعوهنّ لانتظار دورِهنّ. ثمّ أردفتْ: لم أتمالك نفسي من شدّة الامتنان لهذا الشّاب، فسألتُ عن اسمه فقيل لي إنّه وكيل لمكتبة جرير، واسمه سعود الدوسري. (لك الشكر يا سعود، منّي ومن كلّ الأخوات). والسّؤال: أيّهُما أفضل أن تبقى خدمة المرأة في هذه المواقع رهينةً لشهامة رجل، أمّ تُؤنّث فيُرفع عنها الحرج؟