أقرَّت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة في المغرب باتساع رقعة الرشاوى في البلاد، ورسمت صورة سوداء عن الفساد المستشري فيها، مؤكدة أن الظاهرة آخذة في التوسع والامتداد داخل عديد من مجالات تدبير الشأن العام. ورصدت الهيئة التي تحظى بمصداقية كبيرة في الوسط المغربي، وهي هيئة رسمية أنشأتها الدولة، غياب البعد الاستراتيجي الكفيل بإرساء سياسة لمكافحة الفساد على درجة من الفعالية وذات أهداف محددة، مبرزةً فشل المساعي في تطويق هذه الظاهرة الخطيرة. وقال رئيس الهيئة المعيَّن من طرف الملك، عبد السلام أبو درار، إن “الوقاية من الرشوة” رصدت عديداً من مواطن الضعف والاختلالات بخصوص محاربة الفساد والرشوة، من بينها غياب البعد الاستراتيجي الكفيل بإرساء سياسة فعالة لمكافحة الفساد، بالإضافة إلى عدم ملاءمة المنظومة الجنائية والقضائية لمتطلبات مكافحة الفساد. وأكد التقرير أن القطاعات التي تشهد انتشاراً كبيراً للرشوة مرتبطة بالداخلية ثم العدل والأمن، وبعدها القطاع العقاري والضرائب ثم التجارة والصناعة. ولم يفت التقرير التنبيه إلى محدودية آليات الحكامة السياسية سواء على مستوى مراقبة استخدام الأموال العمومية الممنوحة للأحزاب، ولتمويل الحملات الانتخابية، أو على مستوى نواقص الممارسة البرلمانية التي حالت دون مزاولة الرقابة السياسية بالفعالية المطلوبة. من جانبه، أشار مصدر إلى أن جميع التوصيات التي قدمتها الهيئة في محاولة منها لتطويق هذه الظاهرة لم يجر تفعيلها حتى الآن، مشدداً على أنه هناك اختلالات كبيرة في تدبير الشأن العام من بلديات وباقي الهيئات الرسمية. ويشكل التقرير الجديد ضربة موجعة لحكومة الإسلاميين خاصة وأنه يتزامن مع الوضع المأساوي الذي رسمه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتأكيده وقوع خروقات صارخة في سجون البلاد، علما بأن التقريرين صادران عن مؤسسات جرى تعيين مديريها بظهير ملكي وليسا عن هيئات خارجية. وينتظر الشارع المغربي ردود فعل حكومة عبد الإله بن كيران لمحاربة الاختلالات التي أظهرتها هذه التقارير السوداء من خلال تحريك وزارة العدل التي يقودها المحامي الإسلامي مصطفى الرميد. الرباط | بوشعيب النعامي