أكد اختصاصيون أن الغيرة أمر فطري لكلا الجنسين، إلا أنها أكثر قوة لدى النساء، تبعا لطبيعة المرأة وتكوينها النفسي، فضلا عن غيرة الفتيات فيما بينهن، التي تنزع الثقة من النفس وتغرس بذور الكراهية. غيرة الصديقات أكدت الطالبة الجامعية سلمى محمد العبدالكريم، أنها عانت من غيرة صديقاتها المقربين منها، وتقول «وصلت الغيرة بصديقتي المقربة إلى أن لا تسمح لأحد بالتحدث إلي، وتراقبني وترصد جميع تحركاتي، وحين أحسست أن الأمر قد طال عن حده، فتعمدت تقليص العلاقة بيني وبينها، إلا أني لم أتوقع أن تفصح عن جميع أسراري لكل من حولي، كما أني أجلت فصلا كاملا من الدراسة لأتخطى صدمتي فيها». تقول أم مازن الشمري «عندما رزقني الله بابنتي «حنين» غارت منها أخواتها حد الجنون، لدرجة أني لم أعد أشعر بأمان بتركها وحدها بينهن، فاهتمامي الزائد بها أنا ووالدها جعلهن يترصدن لها بمقالب مخيفة». فيما بينت دلال نايف الحمد أنها انصدمت من أخوات زوجها بعد زواجها، حيث يتعمدن لبس نفس قطع الملابس التي ترتديها، كما أن «سلافتها» يقلدنها في كل شيء حتى في أثاث المنزل، وأضافت «تغار كل منهن من معاملة زوجي الطيبة معي، وكي يدرأ زوجي المشاكل بيننا بات يشتري لأخواته كل مايشتريه لي، من ملابس وحلي». امرأة عاملة فيما ذكرت أنعام هذال العتيبي، أنها عاملة ومتزوجة وأم لطفلين، تقول «حين تنشغل المرأة العاملة بشيء غير مراقبة صديقاتها ولباسهن، ستصبح مؤكدا على مستوى راقٍ من التفهم والثقافة، وستجعل ثقتها بنفسها أكبر وأعلى من مستويات الغيرة، فتقضي وقتها في العمل المفيد الذي يعود عليها بالمنفعة»، وترى أنعام أن الغيرة إهدار للوقت والصحة وتعب للنفس، مشيرة أن المرأة الواثقة بنفسها أقل غيرة من غيرها. كيد الموظفات وتقول إحدى السيدات (لم تعلن اسمها لحساسية الوضع بالنسبة لها)، «منذ سنوات وأنا أبحث عن عمل مناسب يتماشى مع مؤهلاتي الدراسية وعندما وجدته في إحدى المستشفيات، أمر المدير الموظفات أن يعلمنني نظام العمل، وحين أتقنته أصبحت أحضر باكرا، وأمسك العمل من بدايته وأخدم المرضى والعملاء، إلا أن الموظفات لم يتركنني في حالي، حيث بدأن في التذمر وخلق الكيد بيني وبينهن، وصارت كل واحدة منهن تفتعل مشاكل ويحاولن أن يبين للمدير بأني فاشلة ولا أجيد العمل، حتى تفاجأت برسالة منه ملخصها أن راتبي تغير من ألفين إلى 1500 ريال، بعدها قدمت استقالتي، حيث إن راتبا كهذا سأدفعه للسائق الذي يوصلني بشكل يومي». غيرة مرضية إلى هنا، أكد الاختصاصي النفسي الدكتور يوسف حسن، أن الغيرة بين النساء عموما تصل إلى حد المرض، وتعمل على حرق كل شيء جميل، غير أنها تنزع الثقة من النفس وتغرس بذور الكراهية بين الناس، فيما يصاب الشخص بغيرة نرجسية، فيحب ذاته ويتجاهل غيره، وأضاف «ينتج ضعف الثقة في النفس عن مواقف قديمة، أو نتيجة لتصرفات أحد الزوجين، التي تثير الغيرة والشك». وأشار الدكتور حسن إلى أهمية اتباع أسلوب الحوار بين الأفراد في تعاملهم، حتى يتم الوصول إلى أسباب الشك، وإعطاء الطرف الآخر الثقة والأمان، ليثبت أنه جدير بالثقة والاحترام، كما أكد أن المبالغة في الغيرة بين الصديقات خانقة وتسبب مضايقات شديدة. وأضاف الدكتور حسن «لا بأس أن تشعر الصديقة بمعزة صديقتها، ولكن من غير المعقول أن تحاصرها بتلك المحبة، فتمنعها من محادثة الأخريات». الزمان والمكان فيما يرى اختصاصي علم الاجتماع «علي البناء، أن العلاقات الاجتماعية محكومة بظرفي الزمان والمكان، والدليل على ذلك أن لكل مرحلة عمرية ومكانية أصدقاء مختلفين، فلا يوجد ما يسمى بالصديق الدائم، إلا إن كان الصديقان أصحاب مبادئ مشتركة، وفكر واهتمامات متوافقة، مؤكدا أن الناس يبحثون دائما عن الصداقات المتنوعة، كما أن كل شخص بحاجة إلى صديق حقيقي يشكي له همومه، ويمكن تحديد الأصدقاء الحقيقيين من خلال التجارب واكتساب الخبرة، موجها إلى ضرورة حسن اختيار الصديق، وعدم إعطاء الأسرار الشخصية إلا لأصحاب الثقة. بينما بيّن التربوي محمود مصطفى البشار أهمية بناء علاقات الصداقة على الصراحة والتفاهم، مشددا على ضرورة توفير جو صحي للشخص المريض بالغيرة، والحوار البناء معه.