لا شكَ أن الحيوانات أيضاً لها أخلاق ومذاهب في تعاملها مع بعضها ومع أعدائها وقطعانها ومع كل ما يتعلق ببيئتها. فيحضرُ الذئب والصقر في ذاكرة الموروث العربي في تشبيهات النبل والشهامة والشجاعة على سبيل المثال، كما يحضر الخنزير والضبع في منازل القبح والمسبّة. أذكر أن جدتي –رحمها الله- كانت تقول لنا : “خَلّك مثل الذيب” أي كُن مثل الذئب، وكانت تتحدث عن طريقة الأكل، فحين كنا أطفالاً غير آبهين..كنا نجلس على سفرة الأكل نتحدث ونطيل المكوث على طرف الصحن، وكانت الجدة تريد أن نأكل بصمت ثم نقوم دون إبطاء. وأوردتْ التشبيه بالذئب هنا حيث كان يهجم على فريسته بكل صمت ويغرس أنيابه في حلقها ويقتلها في ثوانٍ معدودات. لهذا كان من النادر جداً أن يُقتل الذئب عند الرعاة، فإذا ما قتله أحدهم، ذاع خبره وكأنه فعل المستحيل. تذكرت هذه القصة، وتذكرت الذئب جيداً، عندما رأيت مصادفة مقاطع في موقع اليوتيوب مأخوذة من أفلام الطبيعة ومملكة الحيوانات، وانتبهتُ للضبعِ في طريقته السافلة التي يطارد بها فريسته ويقتلها. إنه لا يستحق أن يكون ضمن السِباع، إنه حيوان رخيص وجبان، فلا يهجم على فريسةٍ إلا وهو ضمن قطيع من الضِباع، وعندما يتمكنون منها فإنهم لا يقتلونها مباشرة، أبداً..بل يقضمونها من أسفلها ومن أقدامها لتظل حيّة ونابهة فترة طويلة..وكأنهم يستمتعون باحتضارها الطويل وهم يأكلون أسفلها وهي تتلفت قانطة!. خلاصة القول يا سادة .. تبدو بعض مشروعاتنا التنموية التي من المفترض أن تكون جذرية لما يصرف عليها من مليارات..تبدو “ضِباعاً”، فلا بد وأن يأتي على المشروع عدة مقاولين وعدة ميزانيات كي ينتهي بشكل جيد، لا تكون مشروعاتنا ذئاباً.. أبدا!.