أوضحت الكاتبة مها باعشن، أنها لا تتبرم من تعدد مواهبها، ولا تضيق ذرعاً بالأوصاف التي يطلقها النقاد عليها كونها شاعرة في البدء وتشكيلية وروائية. وقالت باعشن، في حديث ل«الشرق»، إن التعدد في وجوه الإبداع دليل على مهارة الكاتب وقدرته على ارتياد أشكال البيان المختلفة، مبينة أن الشكل البياني الواحد ما هو إلا لوحة تنعكس فيها أشكال وألوان وأنواع من الأجناس والأساليب، مشيرة إلى أن داخل الرواية مقاطع شعرية، كما في «غادة الكاميليا» للروائي الفرنسي ألكسندر دوماس، وأن داخل الرواية مسرحيات، كما عند نجيب محفوظ في «بداية ونهاية» و«زقاق المدق»، مؤكدة أن ذلك كان مدعاة لفكرة مسرحة الرواية، أي تحويل الروايات إلى مسرحيات، «ولو لم تكن الرواية بداخلها دراما مسرحية صغيرة، وكأنها بذرة في الرياض الروائي، لما استطاع أحد أن يحوّل الرواية إلى مسرحية»، مستشهدة برواية «عودة الروح» لتوفيق الحكيم كونها تحولّت إلى مسرحية ناجحة، ومسرحيات لهنريك إبسن مثل «بيت الدمية» و»الأشباح»، اللتين صنع منهما أفلام، مستدعية تجارب عربية متوطّنة ومهاجرة منها جبران خليل جبران بصفته صاحب بيان في الأدب مثلما كان بارعاً في التعامل مع الخطوط والألوان في الفن التشكيلي. ولفتت باعشن إلى أن في عباس محمود العقاد شاهداً على تعدد أشكال الإبداع لدى الكاتب، موضحة أنه شاعر عبقري، وروائي مُجيد، وإن لم يكتب إلا رواية واحدة «سارة»، التي يرى النقاد أنها أول رواية عربية في التحليل النفسي، وكان كاتبا للسير، ويكتب عن الآخرين في العبقريات الشهيرة، بالإضافة لكونه كاتباً سياسياً. كما استحضرت الكاتب أحمد عطار بما أبدع في تحليل اللغة والفكر، وطاف في الأدب والفن، وتعمق في مناقشة أصول الفقه ونقد التاريخ. ولم تنس باعشن المنشور الزجاجي الذي درسته في مادة العلوم زمن المدرسة، مشيرة إلى أن المنشور يستقبل اللون الأبيض، ليصبح سبعة ألوان، «وهكذا الموهبة عند المبدع، تستطيع أن تمضي في اتجاهات مختلفة دون أن تتبدد، بل إنها تكتسب مع كل لون بُعداً جديداً».