يتكلم حسن البنا في رسائله عن القوة والثورة، مضفياً بعض التساؤلات والنظرات، ليصل إلى أن يقول بعد ذلك: «هذه نظرات يلقيها الإخوان المسلمون على أسلوب استخدام القوة قبل أن يقدموا عليه، والثورة أعنف مظاهر القوة، فنظر الإخوان المسلمون إليها أدق وأعمق، وبخاصة في وطن كمصر جرب حظه من الثورات فلم يجن من ورائها إلا ما تعلمون». ويضيف «وبعد كل هذه النظرات والتقديرات أقول لهؤلاء المتسائلين: إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولاً، وينتظرون بعد ذلك ثم يقدمون في كرامة وعزة، ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وارتياح». ويتابع «وأما الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها، ولا يعتمدون عليها، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها، وإن كانوا يصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت على هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذه المشكلات، فسيؤدي ذلك حتما إلى ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال، وإهمال مرافق الإصلاح، وليست هذه المشكلات التي تتعقد بمرور الزمن ويستفحل أمرها بمضي الأيام إلا نذيراً من هذه النذر، فليسرع المنقذون بالأعمال». القوة «العملية» للإصلاح تحتل مكانها في منهج الإخوان المسلمين، وسيستخدمونها حين لا يجدي غيرها كما يقول الأستاذ المؤسس، ولست أدري من الذي سيقرر أنه لم يعد يجدي غيرها؟ أليس الإخوان المسلمون أنفسهم؟ وإذن فالأمر بأيديهم هم! هم من يقرر أنه لم يعد يجدي في تلك اللحظة إلا القوة!. وأعنف مظاهر القوة هي الثورة، وقد أبدى المؤسس أنه يعتقد عدم جدواها ولا نفعها، ولهذا فالإخوان لا يفكرون بالثورة ولن يكونوا يوماً هم من يشعلها ويدعو إليها. فهل التزم الإخوان بهذا؟ لقد رأينا الإخوان ينشئون الضباط الأحرار بمعرفة الصاغ محمود لبيب وبمعرفة من الإخوان، وقد أنشؤوه لينقلبوا على الملك فاروق، حتى حدث هذا عام 1952م. (وما يوم حليمة بسرّ). فإذا كانت الثورة غير ذات جدوى ولا نفع في منهج الإخوان ولا يفكرون فيها أصلاً؛ فما بالهم يسهمون إسهاماً في تنظيم الضباط الأحرار، ويجهزون للثورة، وهم يقررون أن الثورات ليست ذات جدوى ولا نفع ولا يفكرون فيها أصلاً، فضلاً عن أن يقوموا بها أو يسهموا فيها أو يدعوا إليها؟! وإذا كانت الثورة إنما تقوم بها الظروف والأوضاع ولن يدعو الإخوان إليها، فما بالهم هم من يضلع فيها عبر الضباط الأحرار من البداية وينشئها من البداية؟ وقد رأينا الإخوان يستخدمون القوة في سوريّة في الثمانينيات، ثم رأينا حركة الإنقاذ في السودان تستولي على السلطة عن طريق الانقلاب. والآن نتساءل: ما موقف الإخوان الرسمي والمنهجي الذي نستطيع أن نرجع إليه حول القوة والثورة؟! وهل نظرية الإخوان التي أوضحها حسن البنا في الرسائل هي المعتمدة التي نرجع إليها؟ أم أنه تم تطويرها إلى منهج رسمي بديل كنظرية ثابتة للإخوان نعود إليها؟ أين؟ وكيف؟ دلوني رحمكم الله!.