تشتهر مدينة حائل بالعديد من الوجبات الحائلية الخاصة، أبرزها “الكبسة الحائلية”، “المقشوش”، “التمن”، “الثريد الحائلي”، وغيرها من الوجبات التي باتت ترتبط كثيرا في حائل بكبيرات السن، واختفت من مائدة الأهالي، لعدة أسباب أهمها مشاغل الحياة التي نالت من الأسرة الحائلية، فإعداد هذه الوجبات يحتاج الكثير من الوقت من ربة المنزل، خاصة وأن عدد من هذه الأكلات يحتاج إلى خبز “التنور”، وهو الأمر الذي يشكل مشقة بالنسبة للنساء، لضرورة وجود هذه التنانير في خارج المنزل، أو في أماكن خاصة لها لتجنب المخاطر وعدم تسرب الأدخنة إلى داخل المنزل. وكان لتوفر وصفات غذائية أخرى تعد بوقت وجهد أقل أثر في غيابها، ولكن هذه الأكلات بدأت تعود إلى المائدة الحائلية بشكل ملحوظ، وذلك من خلال “المطابخ المنزلية”، وهي مطابخ أوجدتها سيدات سعوديات لم تسعفهن الظروف للحصول على وظيفة ملائمة، فتحولن إلى العمل الخاص، منطلقات من الإمكانات المتوفرة لديهن في منازلهن. و أشار المحاسب محمد عتيق الموظف بفرع أحد هذه المطابخ، وهو عبارة عن غرفة وثيرة فقط على شارع المطار وسط حائل، في هذه الغرفة لا يوجد إلا محاسب فقط، مهمته تسجيل الطلبات وتنسيق المواعيد، فيما يتولى آخر توصيل الطلبات. وفي هذا السياق أشار محمد عتيق أن مهمته تتركز في أن يكون حلقة وصل بين صاحبة المشروع، وبين الزبائن، لافتا إلى أنه في الغالب يكتفي الزبون بتسجيل طلبه فقط، وذلك لأن شهرة المطابخ النسائية في حائل جيدة. أم فيصل صاحبة أحد المطابخ النسائية في حائل قالت ل”الشرق” إن ضعف مؤهلاتها الدراسية كان السبب وراء سعادتها، موضحة أن فكرة المشروع بدأت في شكل “مزحة” من إحدى قريباتها التي ساعدتها في بعض الولائم الخاصة. وتضيف، إن مشروعها في البداية تركز عليها، من خلال توفير بعض الأكلات الحائلية البسيطة، ثم توالت الاتصالات عليها، وبات لديها الكثير من الزبائن بشكل يومي، الأمر الذي دفعها إلى توسيع مطبخ البيت، والاستعانة بصديقات لا يجدن عملا. أم فيصل تشير إلى أن لديها الآن مطبخين، وحرصا على تنظيم العمل أخذت ترخيصا رسميا من البلدية، بعد أن تحدث إليها أحد المسؤولين في البلدية بشكل ودي، مبينا لها المشاكل التي يمكن أن تنجم عن ممارسة مثل هذه الأعمال دون ترخيص مسبق. عدد ممن يملكن مطابخ نسائية يكرهن أن يوصفن بسيدات أعمال، السبب وراء ذلك قناعتهن أن هذه التسميات شكليات اجتماعية، وأن سيدات الأعمال لم يقدمن شيئا لتوظيف المرأة، وأنهن أي سيدات الأعمال مشغولات بالظهور الإعلامي والمؤتمرات، فيما هن يعملن بأيديهن في المطبخ. أمانة حائل ممثلة في إدارة الصحة تشرف على الكثير من مشروعات المطابخ النسائية، وتشير إلى أنها لم ترصد مخالفات تستحق الذكر، مشيدة بمستوى النظافة والجودة التي تتمتع بها هذه المطابخ، لافتة إلى أن المشاكل توجد في المطاعم والمطابخ التجارية، حيث أن الشكاوى في حقها كثيرة. المشكلة التي تواجه هذه المشاريع هي في طريقة الرقابة، حيث أن هذه المشاريع طواقمها نسائية، لهذا فالجولات التفتيشية تكون مفاجئة، لكن الدخول إلى مثل هذه الأماكن يحتاج إلى إعلام المسؤولة عن المطبخ. أما أهالي حائل فإن شكواهم في هذا المجال مختلفة، فالكثير منزعجون من ازدحام جدول المطابخ النسائية، ولهذا فإن أغلب المناسبات العارضة لا تجد طريقها إلى تلك المطابخ. محمد الشمري معلم في إحدى المدارس المتوسطة قال ل”الشرق” إن الولائم الطارئة أصبحت من نصيب المطابخ التجارية، لكن المناسبات التي يمكن التحكم بمواعيدها تذهب للمطابخ النسائية، وفي الغالب تتأخر إلى نحو أسبوع.