“لو لم يكن هذا الفيلم معروضاً هنا لكنت اخترته للمسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي المقبل”.. بهذه العبارة وصف فنشينزو بونيو مبرمج الأفلام العربية في مهرجان برلين فيلم “الخروج للنهار” للمصرية هالة لطفي الذي يعرض ضمن فئة “آفاق جديدة” في مهرجان أبو ظبي السينمائي السادس. وإذا كانت هذه التظاهرة تعرض الأفلام الأولى والثانية لمخرجين من البلدان العربية والعالم، فهي أيضاً مكان تكتشف فيه المواهب، حيث قدم “الخروج للنهار” مخرجة جديدة من مصر تقطع مع سينما السائد، وترتبط بسينما حاولت إعادة إحيائها أسماء مثل عاطف حتاتة، وأسامة فوزي، وآخرين. وصورت هالة صدقي في فيلمها مأساة عائلية بأسلوب قدير متحكم وإنساني صامت أمام الوجع والمعاناة والفقر. هذا الفيلم هو الأول للمخرجة إذن، ولكن فيه كثيراً من نضج السينمائيين الكبار، ونفس من بعض المخرجين الذين عملوا كرواة على تجديد السينما المصرية، لكن تجاربهم كانت محصورة في العدد، وإن كان لها قيمتها الفنية. تقدم هالة لطفي في “الخروج للنهار” لغة سينمائية عالية مرتكزة على معاني الصورة وخلق عالم خيالي مواز لهذا العالم. يصور الفيلم شجاعة أم وابنتها في مواجهة عجز الوالد المشلول والموجود في البيت والمحتاج لعناية فائقة تؤمنها الأم التي تعمل كممرضة في مستشفى في الليل، بالتعاون مع ابنتها، لكي يستمر الوالد في الحياة الكريمة. ويأتي هذا الفيلم ليصور عالماً خاصاً داخلياً أولاً قبل أن يصبح في الخارج، بعيداً عن ضجيج الثورات وهموم الجماعة وصيحات الشارع، بعيداً عن التحولات السياسية والاجتماعية التي تعيشها مصر، وقريباً من الإنسان المصري في يومياته الصعبة. يصور الفيلم تصرف الإنسان أمام العجز خاصة حين يعيش وسط طبقة محرومة فقيرة تتمرد على واقعها، وفي داخلها ثورة مكبوتة لكنها في النهاية تقبل هذا الواقع وتحاول التعايش معه. وتصور هالة لطفي يوماً واحداً من أيام تلك العائلة يمتد بالمشاهد إلى ما قبله وما بعده، ويروي تفاصيل تعايش رجل مع مصيبته بعد إصابته بسكتة دماغية أفقدته الرغبة في الحياة. يتميز فيلم “الخروج للنهار” بصياغة عالية، ولغة فنية ناجزة، وأطلق من مهرجان أبو ظبي إلى العالم مخرجة تطلق صوتاً كبيراً في السينما المصرية المستقلة. وهالة لطفي مخرجة مصرية تخرجت من معهد القاهرة السينمائي عام 1999 ونالت رتبة الشرف، وأنجزت قبل ذلك فيلمين وثائقيين الأول “عن المشاعر المتلبدة” (2005) والثاني “عرب أميركا اللاتينية (2006) الذي أنجزته لحساب قناة الجزيرة. أ ف ب | أبوظبي