احتفلت جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي، بتوزيع جوائز دورتها الخامسة على الفائزين والفائزات في العاصمة الألمانية برلين، بحضور رئيس مجلس أمناء الجائزة وعمدة المدينة، وجمع كبير من العلماء والباحثين والسفراء من أقطار مختلفة. تسليم الجوائز في عواصم عالمية مختلفة، يتوافق مع توجهات الجائزة ذات البعد العالمي، وقد بدأت هذه الرحلة من الرياض مقر الجائزة، في الدورة الأولى ثم اتجهت إلى أقصى الغرب العربي في الدارالبيضاء في الدورة الثانية، وانتقلت شمالاً إلى بيت العالم الثقافي (اليونسكو) في باريس في الدورة الثالثة، ثم رحلت إلى أقصى الشرق حيث احتفت بكين، بتوزيع جوائز الدورة الرابعة. ويأتي هذه التجوال رغبة في التواصل مع كافة الباحثين والمترجمين والمراكز الثقافية والعلمية في مناطق مختلفة من العالم. واختيار برلين مكاناً للاحتفاء بالفائزين بالجائزة لهذا العام، يذكر بالدور الكبير والإيجابي في معظمه، الذي لعبه الاستشراق الألماني في علاقته بالثقافة العربية الإسلامية، الذي يمثل حضورا ثقافياً وعلمياً كبيراً في تراثنا العربي. وتجدر الإشارة إلى أن المانيا تحتضن في عدد من مراكزها العلمية والثقافية عشرات الآلاف من المخطوطات العربية، التي تتاح للباحثين بأريحية بالغة. ومن بين هذه المخطوطات الكثير الذي يستحق تكاتف وتعاون الجهات العلمية لإخراجه للنور؛ لما يمثله من قيمة معرفية في تواصل الشعوب. تعد الجائزة جسراً مهماً من جسور التواصل بين أبناء الثقافة العربية الإسلامية وأبناء الثقافات الأخرى، في مجال العلوم والآداب، وتقدم للعالم صورة إيجابية للاهتمام العربي بالتواصل المعرفي مع كافة لغات وثقافات شعوب العالم، مما يرسخ من ركائز التعاون والتقارب بين شعوب العالم، ويفتح أفقاً للحوار بين الحضارات. والمتابع للجائزة يلحظ بوضوح أن حجم الإقبال على الجائزة يتزايد عاماً بعد عام، وتتسابق كثير من الهيئات والمؤسسات للفوز بها، وصرح الدكتور على بن تميم مدير مشروع “كلمة”، للترجمة، التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بدولة الإمارات، الفائز بجائزة المؤسسات في دورة الجائزة لهذا العام “أن الفوز بالجائزة شرف كبير تطمح إليه كافة المؤسسات المعنية بالترجمة”. عدد متميز من الكتب المترجمة من العربية وإليها حظي بالفوز، وهذا يعني تقديراً كبيراً لهذه الكتب الفائزة. غير أن الأمر قد يحتاج إلى مجهود علمي إضافي قد ترتئيه اللجان العاملة في الجائزة، ويتمثل في التعريف الأكبر بهذه الكتب عبر إقامة ندوات، وتنظيم محاضرات في المحافل العلمية، باستضافة المؤلفين والمترجمين، والمهتمين في مجالات هذه الكتب، لإيجاد حوار علمي وحراك ثقافي أوسع. تستحق مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الحاضنة لهذه الجائزة الشكر والتقدير، وعرفان عميق بالجهود التي يبذلها أمين عام الجائزة الأستاذ الدكتور سعيد السعيد، واللجنة العلمية من الإخوة والأخوات، الذين يتحملون العبء الأكبر في سبيل تأكيد الرصانة العلمية والقيمة الثقافية والحيادية للجائزة.