يلتقون أحياناً على غير موعد، وقبل أن يعرف بعضهم بعضاً يتبادلون النظرات، فالابتسامات، ثم تتشابك أيديهم، وينطلقون نحو الملعب. يسمعون هطول المطر، فيهبّون في اتجاهه بلا حذر، ويطلقون ضحكاتهم، فيطرب الكون، ويتبسّم الزهر. يتراشقون بالماء من غير حذر، وهو خير النِّعم، ويلعبون بالطين من غير وجل. معيارهم في علاقاتهم هو الإنسانية، فليست لديهم معايير أو مقاييس وهمية. يرون في تعدُّد ألوانهم بهجةً، وفي تنوّع أوطانهم وحدةً، ولم يكن لاختلاف اللغة فيما بينهم أيّ معنى. الدنيا في بكائهم في حسرة، والكون في مرحهم في نشوة. ضيفهم يعني شريكهم، فلولاه ما وجدوا فيما يملكون متعة، وفي الفسحة تراهم يتقاسمون الوجبة. لايعرفون الكذب، لذلك هم يُصدّقون كل ما يقوله الكبار. لايعرفون غير الحبّ، وبه يعلنون رضاهم وسخطهم. يفرحون بالجديد، لكنهم لايحتقرون القديم. إنْ أُغضِبوا انزوَوا عن مُغضبهم لحظةً ثم أتَوه وقد زالت من أنفسهم الحرقة. يلعبون فيتشاجرون ويتفرّقون، وبعد قليل يعودون ليكملوا اللعبة. يتعبون، ومن الهمّ لايشتكون، لكنّ عيونهم تشي بملحمة حزينة لايدركها إلّا أصحاب القلوب الواعية. يستوطن السلام أطرافهم، ويسكن الحب قلوبهم، ويستقي الجمال رونقه من أرواحهم. هكذا هم الأطفال وأجمل، فمَن منّا حين يتذكر طفولته لا يسعد؟ وهل إلى مردٍّ هانئٍ من سبيل؟!..