منذ أن ظهر مصطلح السعودة الذي لم تكتب له الحياة إلا قليلاً في أسواق الخضار وبعض المهن التي حاول بعض عباقرة الإدارة تحويل الشباب إليها معتقدين أن الحاجة وحدها هي من يعلّم النّاس متناسين الإرث الثقافي لهم ومتناسين أيضاً كيف سينظر شاب محتاج إلى وطنه بعد أن يرمى كعامل يزاحم بحاجته فقط سوق تبتلعه العمالة الوافدة بكل ما فيه من خيرات، والآن وبعد سنوات اختفى كل المتفائلين بتلك التي كانوا يسمونها (برامج) التي أقل ما يقال عنها إنها ارتجالات عشوائية قاموا بها من وراء المكاتب واختفت أصواتهم بينما تعالت أصوات المحتاجين للعمل أكثر من ذي قبل. كان الشح والضعف في التعليم والتدريب هو الذي أوجد المشكلة آنذاك ولم يتغيّر الأمر كثيراً إلى هذا الوقت فكل الحلول والأفكار التي ولدت.. ولدت وهي مشوّهة وأخرجت معها مصطلحات جديدة مثل (السعودة الوهمية) ففي الشركة أو المؤسسة كل سعودي على ورق تحصل معه على عدد من الأجانب على الواقع مما أدى إلى ازدياد في أعداد الأجانب وكل هذا يحدث برعاية ومباركة (نطاقات الذهبي) أو الممتاز .! قابلت شابّا قال لي إنه أثناء تقديمه على (حافز) تفاجأ أنه موظف منذ ثلاث سنوات في مؤسسة للمقاولات في مدينة الرياض وحين مراجعته لمكتب التأمينات الاجتماعية في مدينته قالوا إنه حتى لم يُسدد عنه أي مبالغ لصالح التأمينات طوال هذه الفترة وقالوا أيضاً وما أجمل ما قالوا إنه يستطيع رفع شكوى كي تغرّم المؤسسة خمسة آلاف ريال لصالح وزارة العمل طبعاً ومن ثم نتمكن من رفع اسمك من الحاسب، طبعاً الخاسر الأكبر هو الشّاب الذي ضاع في طرقات السعودة ولن يحصل على أي تعويض نتيجة استغلال بياناته لخداع مؤسسة رسمية من قبل منشأة خاصة تمارس السعودة الوهمية بكل أريحيّة وعلى أتم الاستعداد أن تدفع الغرامة التي لا توازي راتب شهرين لذلك الشّاب الذي وظفته على ورق لثلاثة أعوام، فهي مجرّد مخالفة بسيطة لا غش فيها ولا تزوير عقود.! طبعاً السيناريو المفضّل لدى الشركات والمؤسسات المتوسطة الحجم الآن هو أن تقفز بكل ما تملك من ورق إلى النطاق الممتاز المسمّى الذهبي من خلال السعودة الوهمية فهذا هو الطريق الأقصر الذي رسمته وزارة العمل لكي تغرف تلك الشركات من مكرمات الوزارة وتمكنها من جريان نهر العامل الأجنبي بيسر وسهولة وبدون قيود وبعد أن تتراجع عن ذهبها لن يطالها شيء وتتركنا لنكتشف أنها سرّحت السعودي الوهمي وزادت نسبة الأجنبي وظلّت البطالة هي المشكلة الرئيسية عالقة كما هي مع مشاكل أكبر فقط وسنبتكر لها حلولاً ميّتة أخرى وهكذا، فقد قاربت (سنة حافز) على الانتهاء دون أن نشعر بفرق كبير لا في حجم التدريب ولا التوظيف وستنشغل وزارة العمل ببياناتها التي ستصدرها منذ الآن عن أحجام العاطلين الذين وظفتهم ودرّبتهم كما انشغلت لعدد من المرّات في شرح الذهبي وتفسيره على أنه المنقذ.