خادم الحرمين الشريفين يتسلم درع عكاظ من أمير مكة عام 1430ه الطائف – عناد العتيبي المدينة التاريخية تنتظر إنشاء فنادق ومجمعات ومراكز اجتماعية ومستشفى عام 1.1 مليون ريال جوائز لأكثر من 15 فائزاً في سبعة مجالات ثقافية وفنية وعلمية نجح أمير منطقة مكةالمكرمة، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، في إعادة «سوق عكاظ» للحياة بعد اندثاره، قبل نحو 1300 عام، عبر تظاهرة سنوية تربط الماضي بالحاضر، وتستشرف المستقبل. وبرهنت السنوات الست الماضية على بعد نظر أمير المنطقة، ورجاحة رأيه في إعادة مكتسب تاريخي احتضنته بلاد الحرمين الشريفين في زمان مضى، حيث اضطلع بمهمة إحياء السوق من جديد، مانحاً اهتماماً لقيمته التاريخية في التاريخ والثقافة العربية والإنسانية، وانطلقت دورته الأولى عام 1428ه، وتوالت سنواته وهو يقدم الفعاليات والبرامج، ويمنح الجوائز التشجيعية لفروع الثقافة والأدب. وبدأت فكرة إحياء السوق من فوق «صخرة تاريخية» في منطقة صحراوية بضاحية العرفاء، شمال محافظة الطائف، وانتهت إلى مدينة ترامت أطرافها على مساحة وصلت إلى عشرة كيلومترات مربعة في غضون ستة أعوام فقط. وبهذا استطاع «أمير الكلمة والشعر» أن يكمل ما بدأه والده الملك فيصل من اهتمام بموضوع «سوق عكاظ»، حيث تكونت آنذاك اللجان من الجغرافيين والمؤرخين والأدباء لتحديد موقعه. عمل متواصل أكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الأمير سلطان بن سلمان، أن الهيئة تسلمت موقع أرض السوق رسمياً، وسيتم البدء في الشهر المقبل بخطة التطوير لكامل المدينة (مساحتها عشرة ملايين متر مربع)، بإشراف أمير منطقة مكةالمكرمة، مشيراً إلى أن «خيمة عكاظ» تمثل بداية المشروع التاريخي للسوق، لافتاً إلى أن أمير منطقة مكةالمكرمة، وجه بإنشاء جادة موازية للجادة التاريخية الحالية «جادة عكاظ» ستحمل اسم «جادة المستقبل». ثروة تاريخية قال المتحدث الإعلامي ل «سوق عكاظ»، محمد سمان، إن السوق سيعود في كل عام ليؤكد أنه ثروة تاريخية، أعادت المملكة العربية السعودية اكتشافه وإخراجه للعالم العربي، بفضل الله أولاً، ثم بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي تفضل برعاية السوق منذ انطلاقه فكرة ومشروعاً على أرض الواقع في عامه الأول، وتطور أنشطته وبرامجه عاماً بعد عام، كامتداد لرعايته للمحافل العلمية والفكرية والأدبية والتراثية، انطلاقاً من إيمانه العميق بأهمية بناء الإنسان المؤمن القوي، القادر على الرقي بوطنه بين الدول، وتحقيق مجده وعظمته بين الأمم والشعوب، وكذلك بفضل العناية والمتابعة الدقيقة التي يحظى بها السوق من الأمير خالد الفيصل، بوصفه رئيس اللجنة الإشرافية، حيث يطلع بشكل مباشر على جميع البرامج والأنشطة وتفاصيلها الدقيقة. خيمة عكاظ شهد «سوق عكاظ» في نسخته الأخيرة حدثاً هاماً، تمثل في تدشين خيمة سوق عكاظ، التي أهدتها شركة بن لادن، إلى جمهور الثقافة والمثقفين، بتكلفة تقدر بنحو أربعين مليون ريال، لتحتضن جميع الندوات والأمسيات، فضلاً عن حفل الافتتاح الرسمي، ولتكون أخيراً وجهاً للحضارة، ونافذة على المستقبل، ومسرحاً للفكر والإبداع. وتقع الخيمة على مساحة تبلغ سبعة آلاف متر مربع، ضمن إجمالي مساحة الأرض التي تملكها السوق، والبالغة تسعة ملايين متر مربع، فيما تبلغ مساحة الخيمة 2572 مترا مربعاً، وهي عبارة عن مدرجات مواجهة لصخرة عكاظ التاريخية المعروفة باسم «الأثيداء»، وتتكون من ثلاثة أجزاء، يمثل الجزء الأول المبنى الرئيسي، ويشمل الدور الأرضي الذي يحتوي على 3061 مقعداً، فضلاً عن قاعات انتظار، ومكاتب، وخدمات مساندة، وقاعات محاضرات ومناسبات، فيما الثاني يحتوي على عشرة أبراج موزعة على المبنى الرئيسي، وتدعم الشكل المعماري، أما الجزء الثالث، وهي الخيمة، فتغطي المبنى الرئيسي مع المنطقة المقابلة للصخرة. وجاء تنفيذ مشروع الخيمة ضمن سلسلة المشاريع الكبرى الرامية إلى بناء مدينة تاريخية وسياحية متطورة تتناسب والبعدين التاريخي والسياحي للسوق خصوصاً، ومحافظة الطائف بشكل عام، كما أنها تتوج منظومة البنية التحتية والعلوية التي نفذتها أمانة الطائف خلال الأعوام السابقة، وبلغت 52 مشروعاً بقيمة تتجاوز 29 مليون ريال، وتشمل: إعادة تأهيل الجادة بطول 1.5 كيلو متر، وإنشاء البوابة، وبيوت الشعر والمخيمات، والمتنزهات، وممرات المشاة والزوار، والسفلتة، وبناء مواقف السيارات، وأنظمة الإنارة، والطرق، واللوحات الدعائية، والمسرح الداخلي، وصالة الافتتاح الرئيسية المؤقتة، والمسطحات الخضراء، وشبكات الري والمياه ودورات المياه، فضلاً عن أعمال الصيانة الدورية السنوية. مشروع التطوير تم إدراج «سوق عكاظ» ضمن المشروع التطويري الشامل لمحافظة الطائف، الذي تشرف عليه اللجنة العليا لتطوير الطائف، والتي أمر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين قبل عام، برئاسة أمير منطقة مكةالمكرمة، وعضوية الهيئة العليا للسياحة والآثار، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة المالية، ومحافظة الطائف، وأمانة الطائف. وخلصت اللجنة، وفق المخطط التطويري الشامل، إلى تقسيم الطائف إلى ثلاثة أقسام، الأول هو الطائف القديم، والثاني الواجهة الغربية التي تشمل الهدا والطائف، وأخيراً القسم الثالث، وهو الطائفالجديدة، الذي يضم المطار، و«سوق عكاظ»، وواحة التقنية، والمنطقة الصناعية. وبدأت وزارة النقل بتنفيذ شبكة طرق طولها ثلاثون كيلومتراً لخدمة السوق والمواقع المحيطة، وسيتم ربط الطريق بجسر الدفاع الجوي، كما سيتم إنشاء طريق دائري حول السوق لخدمة الزوار ضمن المشاريع التطويرية التي تنفذها الوزارة العام الحالي. الآثار الاقتصادية أكد رجال أعمال واقتصاديون ومهتمون بالقطاع السياحي في محافظة الطائف أهمية «سوق عكاظ» في تنمية الحراك السياحي والاقتصادي في المحافظة، من خلال استقطابه للزوار والسياح، مشيرين إلى ارتفاع أعداد زوار السوق عاماً بعد آخر، متوقعين ارتفاع أرباح قطاع الإيواء والشقق المفروشة والفنادق والمطاعم والمواقع السياحية في المحافظة إلى أكثر من 35% خلال فترة السوق، ومؤكدين ضرورة تفاعل أهالي المحافظة كافة، من رجال أعمال ومثقفين وتربويين، مع فعاليات السوق. واعتبر رئيس الغرفة التجارية الصناعية في الطائف، نايف العدواني، أن اكتمال البنية التحتية لسوق عكاظ من شأنه أن يشكل عامل جذب سياحي يؤثر إيجاباً على نمو قطاعات الخدمات والتجارة، وأن اللجنة الإشرافية العليا التي يرأسها أمير منطقة مكةالمكرمة، وشركاء سوق عكاظ، أسسوا خلال ستة أعوام هوية السوق كمشروع فكري وثقافي وإنساني واقتصادي وحضاري. شعار السوق تم استيحاء تصميم شعار السوق من الخط الذي ظهر في بعض الكتابات على الأحجار الباقية في موقع السوق التاريخي، في تقارب وانسجام للألوان التي ملأت الفراغات بين الكلمات، دلالة على وحدة الهدف الذي من أجله توجه الناس إلى «سوق عكاظ». الموقع ويقع سوق عكاظ حالياً شرق مدينة الطائف قرب العرفاء شمال ضاحية الحوية، ويبعد عن مطارها نحو عشرة كيلومترات عند ملتقى وادي شرب والأخضر، على طريق الرياض على بعد أربعين كيلومتراً تقريباً من وسط المدينة، وتثبت شواهد كثيرة هذا الموقع للسوق، ومنها بقاياه في عين الخليص الواضحة المعالم، والتي كانت تغذي السوق بالمياه، وفي الموقع قصر يسمى قصر مشرفة، إضافة إلى صخرة السرايا التاريخية. «عكاظ» قديماً سُمي بذلك لأن العرب كانت تجتمعُ فيه فيعكظ بعضهم بعضاً بالفخار، أي يدعك. ويقال: عكظ الرجلُ صاحبه إذا فاخره وغلبه في المفاخرة، فسُميت عكاظُ بذلك. ويعود تاريخ عكاظ إلى ثلاثة أو أربعة قرون قبل الميلاد، واشتهر عند العرب كأهم أسواق العرب وأشهرها على الإطلاق، وكانت القبائل تجتمع في هذا السوق شهراً من كل سنة، يتناشدون الشعر، ويفاخر بعضهم بعضاً. ولم يكن السوق مكاناً ينشد فيه الشعر فحسب، بل كان أيضاً موسماً اجتماعياً قبائلياً له دوره السياسي والاجتماعي، فقد مثّل عكاظ لقبائل العرب منبراً إعلامياً يجتمع فيه شيوخ القبائل بعشائرهم، وتعقد فيه مواثيق، وتنقض فيه أخرى، كما كان مضماراً لسباقات الفروسية والبِراز، وسوقاً تجارية تقصده قوافل التجار القادمين من الشام وفارس والروم واليمن، ومنتدى تطلق فيه الألقاب على الشعراء والفرسان والقبائل، ومنبراً خطابياً تقال فيه الخطب، وينصت له الناس، ومجلساً للحكمة تحفظ فيه الحكم وتسير بها الركبان ويتمثل بها الناس. وتميز سوق عكاظ عن غيره من أسواق العرب بشموليته وأهميته، وبما يقدم فيه من مناشط متنوعة تشارك فيها وفود عربية وأجنبية مختلفة، بالإضافة إلى عرب الجزيرة، فهو بمثابة مؤتمر عالمي كان العرب ينعمون فيه عشرين يوماً، وغالباً ما تكون في شهر ذي القعدة قبل الحج، حيث تعرض فيه حوليات الشعراء على الناقدين في احتفال كبير، وكان للسوق نظام أمني لحماية نواخذ الأسلحة، وتوضع عند رئيس لجنة الأسلحة، وهو أحد أبناء العرب، ويتم تحديد مجموعة حكام في هذا السوق في مجال النافرة، والصلح بين الخصوم، وتحكيم المسابقات، وهناك نشاط قبلي وسياسي لحل المشكلات بين الأمم والقبائل، وعقد عهود السلام، وتسليم الأسرى، وإبراز المعاهدات، وتقويم الفرسان، وتحديد مراكز الفرسان. الأمير خالد الفيصل يقف فوق صخرة السرايا قبل إعادة السوق (تصوير: عبيد الفريدي)
مسيرة الشعراء والخطباء والفرسان في سوق عكاظ العام الماضي