ما حدث لتالا الشهري ذات الأربع سنوات، وفصل رأس تلك الطفلة البريئة من قبل العاملة المنزلية كارني، أحد السيناريوهات التي لن تتوقف داخل مجتمعنا في ظل تقاعس بعض المسؤولين عن أداء واجباتهم في دراسة تلك المؤشرات أو القضايا وإيجاد الحلول لتلافيها والقضاء عليها. (تالا) لن تكون الأخيرة في ذلك المسلسل الذي سبقته حلقات أخرى، حيث أقدمت عاملة منزلية من جنسية آسيوية مطلع هذا العام تجردت من مشاعر الإنسانية في حي الناصرية في مدينة عرعر على قتل طفل مكفولها الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره، وذلك بعد أن نحرته باستخدام سكين في أحد (العصاري)، وعاملة أخرى أقدمت على نحر ابن مكفولها ذي السبع سنوات بعد أن استدرجته لإحدى زوايا غرف المنزل بسكين المطبخ وفصل رأسه عن جسده الصغير قبل أن تتمكن شقيقته البالغة من العمر 17 عاماً من اقتحام الغرفة لإنقاذ شقيقها، لكن الخادمة عاجلتها بطعنة في رقبتها أفقدتها الوعي وألحقتها بعدة طعنات لشقيقتها الأخرى (12 عاماً) التي تدخلت لإنقاذ شقيقتها، وقامت الخادمة على الفور بالقفز من سطح المنزل في محاولة انتحار. وقصة أخرى تمكنت شرطة منطقة الرياض من كشف غموضها، حيث أقدمت إحدى العاملات على جريمة قتل بشعة ذهب ضحيتها حدث يبلغ من العمر 16 عاماً أحضر للمستشفى من قبل ذويه وتعترف (الخادمة) بجريمتها، وفي الطائف نحرت إحدى العاملات رأس مكفولها البالغ من العمر 80 عاماً والعاجز عن الحركة بالساطور قبل أن تهرب. ولم تقف تلك الجرائم عند تلك الأحداث بل تعدت إلى تعذيب الرضع، حيث دأبت إحدى العاملات على تعذيب رضيع في المهد، وتجويعه وضربه حتى يتوقف عن البكاء، حينما تكون أمه في العمل، وأخرى تداولت الوسائط التليفزيونية على اليوتيوب قصتها صوتاً وصورة بعد قيامها بالتبول في الأكل المقدم لأسرة مكفولها. تلك القصص المأساوية التي قد يتكرر حدوثها في منزل أي واحد منا، وربما في الوقت الذي تقرأ فيه هذا المقال قد تكون عاملتك المنزلية بصدد عمل ما، يتطلب من وزاراتنا المرتبطة بتوظيف تلك العمالة والتصريح لها والتي لا نشك أن فيها عديداً من العقلاء أن تبدأ بجدية في إيجاد الحلول وسن الأنظمة الرادعة التي تكفل حقوق الطرفين (أسر وعمالة) وواجباتهما، فوزارة الخدمة المدنية مطالبة بأن تساير أنظمتها متطلبات المجتمع من خلال إدخال حق رئيسي في أنظمتها للمرأة السعودية العاملة بإرغام المؤسسات الحكومية سواء كانت هيئات أو وزارات كوزارة التربية والتعليم أو الصحة بفتح حضانات للرضع والأطفال تجهز بكافة التجهيزات التي تضمن تقديم خدمات عالية الجودة لأطفال النساء السعوديات العاملات بدلاً من تركهم مع عاملات غير متخصصات في التربية والحضانة وتجعل من بيئة العمل بيئة جاذبة وآمنة خاصة وأن المال ليس العقبة الرئيسية في ميزانية أكبر مصدر للنفط في العالم. أما وزارة العمل فيتطلب منها الكثير، فهي مطالبة أيضا بتطبيق جاد للمعاهدة التي وقعت عليها المملكة في يونية 2011، التي تبنتها منظمة العمل الدولية وأكدت على حقوق العمالة المنزلية ومد عاملات المنازل بتدابير حماية مساوية لتلك المقدمة للعمال الآخرين، بما في ذلك ساعات العمل والحد الأدنى للأجور، والتعويض عن ساعات العمل الإضافية، وفترات الراحة اليومية والأسبوعية، والتأمين الاجتماعي، وأوجه حماية المرأة العاملة أثناء الوضع والحمل، كما ألزمت المعايير الجديدة حماية عاملات المنازل من العنف والانتهاكات، ونشر ثقافة حقوق العمالة المنزلية التي نفتقدها داخل أسرنا السعودية التي ترتب عليها ضغوط نفسية على العمالة وإرهاقها جسدياً بسبب حرمانها من حقوقها الإنسانية لدى بعض الأسر. على هذه الوزارة التي نؤمن بفكر قائدها سن التشريعات التي تنظم أمور تلك العمالة المنزلية وتوضح حقوقهن وواجباتهن وآلية عملهن، مع تبني فتح مراكز لتدريب العمالة المنزلية وتوعيتهن حول قوانين المملكة والعقوبات التي قد تفرض عليهن إن أسأن التصرف، مع التأكيد على مكاتب الاستقدام بتطوير مهارات العمالة المنزلية ودمجهن في دورات تدريبية عن كيفية الاعتناء بالمنزل ومنحهن شهادات معتمدة قبل أن يباشرن العمل في بيوت كفلائهن. أيضا هناك دور مهم على المؤسسة الأمنية في إيجاد الحلول الكفيلة للحد من هروب العمالة المنزلية وذلك بعدم إدخالهن إلى المملكة مرة أخرى من خلال تفعيل نظام البصمة وأنظمة كشف الشخصية وسن العقوبات الصارمة بالسجن والغرامة لكل من يحاول التلاعب بأنظمة وأمن الوطن، أما وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد فكم نتمنى منها أن يكون لها دور فاعل في تغيير بعض (العادات)التي تؤمن بها تلك العمالة كعادات السحر والشعوذة وبعض الأفكار الشاذة عن النهج الإسلامي والمجتمعي في المملكة، حتى يكونوا سفراء في بلدانهم لقيم الإسلام الصحيحة.