أخيراً قال معالي وزير الزراعة إن المواطن (من الطبقة الوسطى) غير قادر على شراء اللحوم الحمراء، وألمح معاليه إلى أن عدم قدرة المواطن إياه تسببت دون أن يشعر أحد في مشكلة أخرى للدجاج، فالطلب قد ارتفع على اللحوم البيضاء، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها أيضاً، وهذا يعني دائماً بلغة الوزراء أن المواطن هو المشكلة التي لا حل لها، فالمواطن هو الذي فقد قدرته الشرائية التي أعطيناها إياه! وما لم يقله معالي الوزير أنه ليس للمواطن ذنب في فقدان شهيته وقدرته الشرائية، لكن الحيوانات على ما يبدو وفي اجتماع سري لها لم تحضره وزارتا الزراعة والتجارة، قررت وبإرادتها الحرّة أن لا ترخص نفسها للإنسان، فهي لها الحق في تقرير مصيرها ومصير أسعارها في سوق لا يعرف إلّا لغة الجشع، وأنها تمكنت أخيراً من إقناع معالي الوزير صاحب المقولة الشهيرة (رح اشترِ) أن المواطن أصبح (عاجزاً عن الشراء)! أجمل ما في وزرائنا أنهم مثلنا تماماً، فهم بالضبط لا يعرفون المشكلة أين ولا يعرفون بها إلا بعد وقوعها، ولا يعرفون كيف يأتي الحل بعد وقوعها، فعندما يتحدّث مسؤول ما بلغة الدهشة الحصرية التي نمتلكها نحن كمواطنين فهذا يعني أنه رجل طيّب له ملامح داوود الشريان عند استفهاماته الكثيرة في (ثامنته) الشهيرة، تلك الاستفهامات التي وجدت المشكلة ولم -وأضيف وغيري كثيرون ممن يضيفون- ولن تجد الحل. فحلولهم أشبه ما تكون بحلول مواطن لا يجد حلاً ولا حول له ولا قوة، خذوا مثلاً هذه الحلول المبتكرة: (لا تشتروا لحماً، لا تأكلوا أرزاً، إش فيها المكرونة؟ اشتروا نصف كرتون طماطم). وفي الوقت الذي يشهد فيه كل شيء ارتفاعاً صارخياً في كل الأسعار يشهد الجميع ومنذ أن خلقهم الله في هذا البلد الطيّب بالغياب التام للثنائي الشهير الأخوين حسيب ورقيب، هذا الثنائي الذي يتفق الجميع على أنه لا يعيش في بلادنا (محفولاً مكفولاً) إلّا في برنامج حافز، حيث يستطيع بكل صرامة وبكل دقة أن يحسم مائتي ريال على كل (مواطن معطّل) لم يحدّث بياناته الأسبوعية، وللأمانة فقد شهد الجميع لهذا الثنائي في هذا المجال بالذات بالانضباط والحرص، لذا فنحن كمواطنين نطالب الإخوة في وزارة العمل بانتداب هذا الثنائي إلى وزارة التجارة التي كان يسميها المواطنون (وزارة التجّار)، فهي لا تهتم لهم ولا تهتم بهم، وهي الآن أحوج ما تكون إلى ثنائي حافز السيدان (حسيب ورقيب) في مثل هذا الوقت بالذّات، فهي بحاجة للأخ حسيب لتفتح كثيراً من الملفّات المسكوت عنها في السوق المحلّي، وتحتاج للأخ السيد رقيب ليطارد الدجاج الذي سيبيض ذهباً في المقبل من الأيام!