طبيب عربي ذرب اللسان افتتح عيادة في الطائف يعالج فيها كل الأمراض وتوافد عليه المرضى من كل حدب وصوب بجوار صيدلية لكفيله الذي يملك سلسلة صيدليات شهيرة ويحيل وصفاته إليها تحديدا وهي لاتخرج عن وصفات أي صيدلي خاصة في الأمراض الشائعة، وفي يوم اختلف الطبيب مع كفيله الذي قدم فيه شكوى إلى الشؤون الصحية بأن شهادته مزورة، وعندما طولب بأصل الشهادة افتعل حريقا في العيادة وادعى أنها احترقت ضمن محتوياتها، واستمر يمارس مهنته إلى أن جاء رد الجامعة التركية التي زعم أنه تخرج فيها بعد أكثر من عام بالنفي، رتب في أثنائها أموره ومارس عمله وجمع ممتلكاته واختفى، هذه قصة من آلاف القصص التي اكتشفت وعشرات الآلاف التي لم تكتشف عن الشهادات المزورة، ويعمل أصحابها في شتى المهن في مختلف القطاعات في الصحة والتعليم العام والعالي والبلديات وغيرها، والقليل المكتشف تم بالصدفة أو عند اختلاف اللصوص أو بتدقيق موظف مخلص.الهيئة السعودية للمهندسين وهيئة التخصصات الطبية تقومان بجهود مهمة في هذا المجال وسط معايير تدقيق عالية وكشفا عن شهادات مزورة آخرها موضوع المهندس العربي في وزارة الصحة، والقضية ليست مركزة على كشف الشهادات المزورة على أهميتها لكن هناك أمراً أهم قبله وآخر بعده، فلماذا لم يتم كشف التزوير من البداية؟ وما دور لجان التعاقد التي تحصل على الانتدابات الطويلة و «تتبطح» في الفنادق والشقق المفروشة؟ مع أن هذا هو دورها عن طريق السفارات أو المكاتب الإجبارية التي يجب التعامل معها في تلك الدول، وفي الغالب بعد كشف التزوير تتم «لفلفة» الموضوع من قبل إدارته أو تدور الأوراق في بيروقراطية المتابعة والإدارة القانونية يكون المزور في أثنائها رتب أموره وسافر، وكان من الأولى أن تحول رأسا إلى المباحث الإدارية أسوة بالمواطنين ويتخذ فيها الإجراء الرادع الذي يمنع الآخرين من التجرؤ على التزوير، لكن وجوده بهذا الشكل يعني أن المناخ الآمن من العقوبة يغري الآخرين بالتزوير، ولماذا لايطال التحقيق والعقوبة المتهاونين والمتساهلين في تدقيق الأوراق من لجان التعاقد، وفي ذمتهم كل الأخطاء والكوارث التي تقع من أصحاب الشهادات المزورة، ويكفي أن هذا المزور الذي كشف مؤخرا لايفقه شيئا بحسب شهادة زملائه ومع ذلك يشرف على أجهزة الأسنان في كل مناطق المملكة وعلى دورات الأجهزة الجديدة للغسيل الكلوي، ولا أعلم هل له علاقة بالفضائح الأخيرة التي ارتبطت بتلك الأجهزة أم لا.