اتهم بعض الكتاب الناقد الدكتور عبدالله الغذامي في الثمانينات الميلادية بأن كتابه «الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية« مسروق، مستندين في ذلك إلى تشابه في تصميم الأغلفة، وتشابه في أفكار الكتاب مع أفكار جاك دريدا في التفكيكية، وكان من الممكن أن يتجاهل الغذامي هذه الاتهامات أو يرد عليها في الصحف حيث نشرت، ولكنه قام بمبادرة أبعد من ذلك، فالكتاب كان من ضمن الأعمال التي قدمها للترقية في جامعة الملك عبدالعزيز التي يعمل عضواً في هيئة تدريسها، وحصل على جائزة مكتب التربية لدول الخليج، فأرسل خطاباً إلى المجلس العلمي في الجامعة وإلى إدارة مكتب التربية بالتحقيق في الاتهام، فإن كان صواباً سحبت منه الترقية العلمية والجائزة، وإن كان الاتهام باطلا فإن الجهات العلمية المحايدة هي التي تُبرِّئه من الاتهام، وفعلا تلقى الغذامي من الجهتين خطاباً بعد التحقيق في الموضوع يفيد بسلامة الكتاب من الناحية العلمية ولا موضوع للسرقة فيه، وبالأمس كشف النقاب في الولاياتالمتحدة عن دفع رشاوى وعمولات كبيرة لموظفين قياديين على رأس العمل ومتقاعدين في أرامكو لتسهيل عقود ومنح امتيازات لشركة تايكو الأمريكية بين عامي 2003-2006 وعلى الفور قامت شركة أرامكو بفتح تحقيق داخلي عن موضوع الرشاوى للوقوف على الحقيقة وستقوم بإرسال وفد من مسؤوليها إلى أمريكا للتحقق من الموضوع. الغذامي وأرامكو قدما أنموذجين، أحدهما شخصي والآخر رسمي، لما يجب أن يكون عليه التعامل مع مثل هذه القضايا التي تثار من حين لآخر على الإنترنت أو في ويكيليكس، التي لا تستلزم بالضرورة أن تكون صادقة، كما لا يعني أيضا أن تكون كلها مغرضة وحاقدة وكاذبة، وفتح التحقيق لا يعني التشكيك في ذمم المتهمين أو تخوينهم من البداية، ولكنه من باب (ولكن ليطمئن قلبي)، ومن باب الشفافية والحرص على النزاهة والعدالة وحماية لسمعة الجهة والعاملين فيها، ولعلهما بذلك يشجعان بعض الجهات التي تتعامل مع مثل هذه الاتهامات بقاعدة «الخسران يقطع المصران»، وبقي أن تعلن أرامكو في نهاية التحقيقات عن النتائج مثلما أعلنت عن البدء فيها والإجراءات التي اتخذتها هي والجهات القضائية في هذا الموضوع، وبدون ذلك لن يكتمل الأنموذج البديع الذي قدمته.