مؤسسات المجتمع المدني لها دور إيجابي في تمكين المواطن من المشاركة في تهذيب كثير من الممارسات والتجاوزات غير القانونية التي تحدث في المجتمع، وكذلك الإسهام في ترسيخ فكرة العمل التطوعي وتأطيرها، وبناء ثقافة للعمل المؤسساتي وتأصيل مسارها، وبالتالي الدفع بعجلة الإصلاح من خلال رسم سياسات وبرامج الدولة التنموية. والتداول الإعلامي الأخير لقرب صدور نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية ليس جديداً، لأننا نسمع به منذ ثماني سنوات، ومع ذلك مازال الأمل منعقداً على أن يكون صدور النظام المتوقع قريباً سبباً لتنظيم واقع الجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام والأهلي، بدلاً من التشتت الراهن في المرجعية والتفاوت في الدعم المادي والقصور في التجاوب والتفاعل المعنوي مع الغايات والمهام.. المتوقع أن يتضمن إقرار مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية إنشاء هيئة مستقلة تتولى الترخيص والمراقبة والإشراف على مؤسسات المجتمع المدني قانونياً وتنظيمياً، وهذا له من الاعتبارات الإيجابية المقبولة من حيث المبدأ، لكن المأمول أن لا تكون هذه الهيئة أداة نظامية «لخنق» عمل هذه الكيانات المدنية بقدر ما هي وسيلة دعم وتيسير، وأن يُسهم حراك المؤسسات المدنية في دعم مسيرة نهضة هذا الوطن الغالي والحرص على مكوناته ومكتسباته، وأن يمكّن هذا التنظيم الجديد أكبر عدد ممكن من ممثلي هذه الجمعيات المدنية والمؤسسات الأهلية مع ممثلين من القطاع الخاص من المشاركة كأعضاء في مجلس إدارة الهيئة لإدارة هذا الحراك وتنظيمه، بالقدر الذي يعطي نوعاً من التوازن بين حق الدولة في حفظ كل ما يتعلق بالنظام العام وحق هذا الحراك المدني والقائمين عليه في الاستقلالية. كما نتمنى أن يواكب حراك المجتمع المدني بجميع أشكاله وأنماطه خطوات الإصلاح التي يعيشها الوطن في هذا العهد الميمون، ويكون أداة لنشر مبادئ المواطنة الصالحة، ووسيلة لتجسيد مظاهر الانتماء للوطن، وبيئة لتعزيز قيم اللحمة الوطنية، وأن تكون هذه المؤسسات المدنية وسيلة لإيصال صوت المواطن للجهات المعنية، وأن تلعب دوراً محورياً في الدفاع عن المواطن وعن حقوقه في كل القضايا التي تؤرقه.