يأخذ العنف الموجه ضد المرأة العربية أشكالاً مختلفة، قد يكون جسدياً، أو نفسياً، أو اقتصادياً. ولا يقتصر العنف الموجه ضدها على المحيط الخارجي، وإنما أيضا من داخل الأسرة، كما تتعرض للعنف المؤسسي بسبب طغيان قوانين العادات والتقاليد، وتأصل الموروث السائد الذي ينظر للمرأة نظرة دونية ساهم في تعطيل القوانين ومضاعفة معاناة بنات حواء من الظلم والاضطهاد والحرمان من الحقوق الشرعية التي أقرها الدين الإسلامي، ومن الحقوق التي مازالت المرأة تكافح في سبيل الحصول عليها وتخوض من أجلها المعارك القضائية حقها الشرعي في الميراث، ففي بعض المناطق العربية كصعيد مصر والعراق وبعض البوادي والقرى في الخليج لاتزال تمارس عادة حرمان المرأة من نصيبها في الإرث بسبب الأعراف والتقاليد البالية التي ترى أن المرأة في غنى عن الميراث طالما كانت في كنف الزوج أو الأخ وأن الذكور في عائلتها أولى بهذا الإرث. قبل فترة ليست ببعيدة التقيت سيدة وكانت تشتكي من ظلم شقيقها الذي حرمها من ميراثها الشرعي، وحينما اقترحت عليها أن تتقدم بدعوى ضده في المحكمة للحصول على نصيبها رفضت؛ بسبب خوفها من مقاطعة عائلتها لها في حال رفعت قضية ضد أخيها، ولم أشعر بالدهشة من جوابها؛ فبعض السيدات رغم الظلم الواقع عليهن غير قادرات على الاعتراض واللجوء لسلطة القضاء لاستعادة حقوقهن المهضومة بسبب الخوف من كلام الناس، ومنهن من تختار أن تعاني الفقر والحاجة على أن توصف بالمتمردة على عائلتها، أو «القاسمة» كما يطلق عليها في بعض القبائل، وبعض الفتيات تضطر الواحدة مرغمة للتنازل عن ميراثها لأشقائها الذكور حتى تتزوج، فبعض العائلات تمارس ما يسمى بعضل الفتاة وترفض ارتباط ابنتها برجل من خارج العائلة خوفاً على ثروة الأسرة مما يجبر الفتاة على التنازل عن نصيبها حتى تتحرر من سجنها. علينا التصدي لهذه الأعراف البالية، والتحايل الذي يمارسه بعض الذكور تحت غطاء العرف المجتمعي لسلب النساء حقوقهن المشروعة، من خلال إصدار قانون يلزم الورثة بقسمة التركة بعد وفاة المورث بفترة لا تزيد على السنة؛ حتى نوقف حيل المتلاعبين والمخالفين لشرع الله، وهذه العادة القبيحة التي حرمت النساء من إرثهن الشرعي.