فَرَضَ “القاتُ” نفْسَه من جديد، فتحَ ملفّه وكيلُ كليةِ علومِ الحاسبِ الآلي ونظام المعلومات بجامعة جازان (د. سعيد بن قاسم المالكي) الذي روى أنّه “قبل عاميْن، طُرِحَتْ على إِمَارة مِنْطقة جازان، فكرةُ إقامةِ مِهْرجان لِلْبِنّ السّعودي، في محافظة الدايِر بَنِي مَالِكْ، بهدف إعادة استزراع الْبن، الذي سيكون من نتائجه، تقليصُ زراعة القات، لوجودِ مردودٍ اقتصاديٍّ آخَر، ذي قيمة اقتصادية عالية، أفضلُ مِن شجرة القات” ( صحيفة الشرق ،24 شعبان 1433ه، ص 6). وإذا دقّقَ المرءُ النّظَرَ في الِفكْرَةِ يَجِدُ أنّها: تُدْمِج العِلْم بالثقافة، والثقافةَ بالاقتصاد، والاقتصادَ بالإنسان، والإنسانَ بالأرض، وهي معادلةٌ جديرةٌ بالتطبيق، فَلَمْ تَعُدْ مَخَاطِرُ القات تَخْفَى على أحد، فشجرتُهُ كما قال الرجُل:” دخيلةٌ على قُرى القِطَاع الجَبَلي، حيْثُ استزرعَها بعض المزارعين، عندما اكتشفوا أنها ذات عائد اقتصادي جيِّد، مما كان له الأثر السّلْبِي على محاصيل أُخْرَى، ذات قيمة اقتصادية وتاريخية” والسؤال الآن: كيف يمكن الخروج من عباءة القات ؟ وهل يتأتّى القضاءُ على زراعة أشجاره في القطاع الجَبَلِي في جازان؟ الدكتور سعيد المالكي رأى أنه من الممكن ذلك”بعد توفير بديل آخر، من خلال تشجيع المواطنين على زراعة الْبن، الذي يُعَدُّ من أهم المحاصيل عالميا، وتوفير فُرَص عمل لمالكي مَزَارِع القات، ليكون بديلا عن تكسبُّهِم من هذه الشجرة الخبيثة، وتوفير أماكن ترفيهية للشباب، وتفعيل دوْرِهم في خدمة المجتمع، كإنشاء الجمعيات التعاونية، ذات أهداف اقتصادية، مفيدة للمجتمع، من أجل مُجْتَمِعٍ مُنْتِجٍ وليس مُسْتَهْلِكا، وتوفير قروض زراعية، وتشجيع فكرة تربية الأغنام، وَفْق رؤية اقتصادية بحتة، وستكون لِلْبنِّ فائدة في التقليل تدريجيا من الاهتمام بالقات، كبديل مهم للمزارعين”. هذه الرؤى، والأفكار جديرة بالتأمل، فلم يعد بالإمكان تَرْكُ القات يفتك بالإنسان (أهم ثروة بشرية) ناهيكم عن هدْر الاقتصاد، وغياب ثقافة الاستزراع، التي تكتسب كل معاني الاهتمام، في المرتفعات الجبلية هناك، وتكتسي أهمية كُبرى، وتتجنب الانزلاق مع طروحات مُغْرِيَة، وتتوخّى تعديل ما هو كائن، إلى ما يجب أن يكون، بُغْيَةَ بناء قاعدة اقتصادية إنتاجية منوعة، بِوُسْعِها تنويع مصادِر الدخل للمواطنين في مِنْطِقة جازان، واستيعاب التقنية الحديثة، وتطوير الزراعة، وأوجه النشاط الاقتصادي الأُخْرَى. ألْبنُّ لا القات، خيْرٌ لهم لو كانوا يعلمون.