لا تراهن مطلقا على طيبة الإنسان. ضع له الفرامل فيصلح! هكذا جاء تقريبا بما معناه في كتاب العبودية المختارة للشاب الفرنسي (أتيين دي لابواسييه) في كتابه الذي سطره عام 1562م! هذا القانون نفسي ولكن يصلح للتطبيق في كل مجال: البيولوجيا الفيزياء الميكانيكا والحركة.لماذا يفتك بشار الأسد بالشعب السوري بما يذكر بزيوس كبير آلهة الأوليمب وهو يقذف باللهب أثينا؟ إنه امتلاك القوة! 400 ألف جندي. آلة عسكرية ضخمة. دبابات ومجنزرات. طيران ومدفعية. مال وكذب إيراني. دعم المالكي ونصرالله. سلاح ودبلوماسية ومافيا ودعم روسي ودهاء صيني. إنه حلف جهنمي لا يستهان به أمام هذا الشعب الأسطوري الصغير الشعب السوري، أليس كذلك؟ الكل يتفرج، الغرب ينتظر تفتت سوريا وتحولها إلى مريض مزمن بما يذكر بمريض البوسفور التركي فيرتاح بنو صهيون نصف قرن آخر، بينما يلعق السوريون جراحهم ويرممون بيوتهم مع كل كلمات النفاق المعسولة، تعزية من أوروبا وأمريكا. لو وضعت الفرامل أمام هذا المراهق السياسي الذي قذفوه على كرسي الحكم عفوا كرسي الإعدام! لما تصرف بما يتصرف به حاليا. فرضية أخرى لو أخذنا هذا الطبيب، طبيب العيون الأعشى، ووضعناه محل كاميرون أو هولاند أو أوباما أو ميركل أو حتى «نتن ياهو» هل كان سيفتك بشعبه كمل يفعل هذا السفاح؟ الجواب لا بسبب الفرامل.. نعم إنها الفرامل. يا قوم افهموا أن قوة بني صهيون من عدلهم الداخلي بين بعضهم بعضاً. كل سيارة تخرج من المصنع ليس فيها فرامل مصيرها الكارثة خلال لحظات! هل يتصور أحد منا أن يخرج من بيته بسيارة بدون فرامل إلا أن يكون غافلا فيقع في كارثة بسبب جريمة أو غفلة أو نقص في الصيانة. هذا هو الحاصل في سوريا: سيارة بدون فرامل. اعتقال الناس على الشبهة في أي لحظة. تقارير سرية أمنية لجيشٍ مليونيٍّ من المخبرين السريين. عشرات الأجهزة الأمنية تحصي أنفاس الناس فلا يفوتها دبيب نملة وطنين نحلة. كذلك الحال في البيولوجيا. ربما لا ينتبه أحدنا إلى أن العضلات والجهاز العصبي كله مبني في جسمنا بأحلى طريقة هكذا. العضلات القلبية غير عضلات الفخذ. تلك عضلات ملساء لا إرادية وتلك عضلات مخططة إرادية. إذا أراد أحد منا مسك ورقة تطلب الأمر إفرازات عصبية من الدماغ إلى عشرات العضلات للإمساك بورقة أو القيام بأدنى عمل. كذلك الحال في النخاع الظهري الذي يضم ملايين كابلات الحس والحركة والجنس. فيه منعكس شرطي يتصرف بدون الرجوع للدماغ؛ فإذا تعرضت يدنا لنار سحبناها بدون تفكير. يقول المؤرخ توينبي: بني الجسم على ثلاث طبقات؛ إرادية كما في حركة اليد والرجل والعين. لا إرادية كما في ضخ الهرمونات وإفراز الإنسولين. ونصف إرادية كما في التنفس فيمكن أن نحبس أنفاسنا بإرادتنا للحظات. حتى الأعصاب الداخلية التي تمسك حركة الأمعاء والمثانة والمعدة فيها نوعان من الأعصاب: الودي ونظير الودي. خلق الله السموات والأرض بالحق، ووضع الميزان، وأنبت فيها من كل شيء موزون. ينطبق هذا في عالم الطير والحشرات. في عالم الإنس والجان. في فيزياء الكم وحركة الأفلاك وتجاذب الشموس والمجرات. في دوران الإلكترون وكوابح السيارة وطالق البنزين. وإن من شيء إلا عند الرب خزائنه وما ينزله إلا بقدر معلوم. لقد قامت أوروبا بمعجزة حين وضعت الفرامل في وجه الحاكم فانتقل من كونه إلهاً إلى بشر يأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون، ويسأل عما يفعل، ويحاسب عما جنت يداه. ما يحدث في سوريا هذه الأيام أسطورة خلاقة في ولادة وتحرر إرادة شعب مكبل منذ نصف قرن بأصفاد العبودية فهي إلى الأذقان فهم مقمحون. هل تعلمون ما معنى كلمة مقمحون؟