تقوم العملية التربوية والتعليمية، ومن مسماها، على مبدأين أساسيين، هما المعارف التي يتلقاها الطالب، والجانب الأخلاقي الذي يتمتع به، وتوظيف كل ذلك ضمن مهارات الحياة التي يحتاجها الفرد كخبرة عملية. ولا أحد ينكر الدور الإنساني، في المقام الأول، الذي يقوم به المرشد الطلابي بالعمل على إيجاده في البيئة المدرسية، التي تساعد على تزويد الطلاب بالخبرات التي تمكنهم من اكتساب المهارات والخبرات العملية في كيفية التعامل مع الآخرين ممن يتصل به، سواء كان ذلك في البيئة المدرسية، أو البيئة الخارجية، كما يقوم هذا النوع من الإرشاد على فهم الجوانب المتعلقة بالممارسات السلوكية وآليات التعامل معه. وفي ظل الصرخات المتعالية والمتتالية لأوضاع وهموم التعليم والمطالبة بالإصلاح التعليمي والتربوي، بدءاً من المبنى المدرسي، وانتهاءً بالمخرجات التربوية والتعليمية، التي لن أخوض فيها، ولكنني أركز على الدور الذي يجب أن يكون عليه المرشد الطلابي داخل المدرسة، والذي أصبح مشوهاً في ظل وجود غير المتخصصين في كثير من الأحيان، وهم فئة المعلمين الهاربين من أعباء مهنة التدريس إلى ظل العمل الإداري المكتبي المريح كما يعتقدون، والذي اختلط لديهم، ولدى صناع القرار بأن الدور الإرشادي أقرب ما يكون بالدور الوعظي.. “ويابخت من عفا وأصلح!”. أقول لهؤلاء إن دور المرشد النفسي المدرسي هو دور فني مهني بحت، يعتمد على فهمه أولاً لطبيعة عمله، وفهم الآخرين ذوي العلاقة، كالمدير، والمعلم، والطالب، والأهل لدوره ولطبيعة الإرشاد نفسها، ولهذا فإن نجاح العملية الإرشادية يعتمد وبشكل كبير على المهارات الفنية التي يمتلكها المرشد عن طريق الإعداد الأكاديمي والمهني والتدريب العلمي، والذي نفتقر إليه، وانتهاءً بالتطبيق العملي لتلك الخبرة منسجمة مع واقع الحياة ومتغيراتها على الطالب، بعيداً عن الأدوار الكتابية، أو الإصلاحية التي اعتدنا عليها، إلى أهداف أكبر هي أهداف علاجية تنم عن فهم عميق للطبيعة الإنسانية وحاجاتها. [email protected]