من ضرورات «الإنقاذ الوطني» إبعاد السياسة تماماً عن تلك الضرورات، ذلك أنها تهم الوطن نفسه، وبالتالي جمع المواطنين، ونظراً لأن دخول السياسة –وهي لعبة لا نثق فيها كثيراً- يفسد كل شيء، بسبب اختلاف الرؤى، وتجاوب كل من قياداتها لمصالح الوطن تجاهها، نفاقاً للجماهير المصرية التي كفرت بالأداء الحزبي لكل السياسيين، حيث باتت تلك الجماهير تحلم «بالإنقاذ» لاستقرار الحال الذي فيه حياة كل الناس البسطاء. وصحيح أن الرئيس المصري هو نتاج انتخابات حرة لم يشكك في نزاهتها أحد، إلا أن هذا الرئيس لم يخلع بعدُ رداء الحزب الذي جاء منه، بما يصنع «تشققاً سياسياً» بين جلال المهمة و «ضيق أفق» الولاء الحزبي الذي تقف وراءه «أقلية منظمة»، بينما تقف في مواجهته جحافل بالملايين لا تملك –بعدم تنظيمها- أن تفرض على «الأقلية» ما ترى من خطط للإنقاذ، وهو ما يقلل من إمكانية عودة الثقة بين الحاكم والمحكوم! ويرى كثير من الخبراء أن «الارتباك السياسي» الحادث الآن مع افتقار الأمن، يضاف إليهما «صراع الفيالق» للاستحواذ على كراسي الحكم، هي أس الفساد وسبب بطء التقدم، وضياع كثير من عمر الوطن في صناعة «لا شيء»، رغم وجود رئيس منتخب بأصوات تزيد قليلاً عن نصف عدد الناخبين، بما يشي بعدم وجود إجماع مصري على اختياره لقيادة الأمة، ويخسر الرئيس كثيراً لو ظلت علاقته «بجماعة الإخوان» على حالها وفاءً لما قدمته له تلك الجماعة من دعم سياسي ومالي أديا إلى نجاحه في الوصول! لتبقى بعد ذلك كلمة «كياسة الرئيس» في إقناع المصريين بقيادته الجماعية لكافتهم دون ميل لهذا الفصيل أو ذاك، لأن مجرد محاولته سداد فاتورة «الفضل الإخواني» وسط الشعب «يفهم الكفت» كما يقولون سوف يخسره «الجلد.. والسقف» أي كل شيء، كما يفقده حماس المصريين له ودعمهم اللذين بغيرهما لما استطاع «العوم» بعيداً عن شاطئ البحر المصري الذي يموج بكثير من «تلاطم» الأمواج المستعدة دائماً لإغراق المراكب التي لا تحمل «التموين» الذي ينتظره المصريون!