لولا الخيبات لسئم النجاح منّا ! أُتمّ اليوم، نشر الجزء الثاني من الحوار الذي أجريته مع الفنان تيم حسن، أحد أهم نجوم فن التمثيل العربي اليوم، مؤكداً طريقتي في هذه الحوارات، وهي أنني أسأل لأعرف وأفهم، لا لأتهم أو أحكم. س : في آخر رواياته «الرابح يبقى وحيداً» يحذِّر باولو كويللو من الممثل، يقول تقريباً على لسان إحدى شخصياته: (احذر الممثل إنه لم يتلبّس كل تلك الشخصيات إلّا هروباً من شخصيته)، أعتذر عن وقاحة الالتقاط، لكن ما رأيك بمثل هذه التهمة، كم تمنحها من الدّرجات في سُلَّمِ الصِّحة؟! ج : ليس وقحاً! بل في منتهى اللطف بالمقارنة مع رأي يقول بأنهم يحذرون من الممثل لسبب أكثر شيوعاً للأسف، وهو أننا نكذب! فكيف لنا أن نكون عشر شخصيات مثلاً! وكيف نكون في رمضان هذا العام نمثل الطِيبة، وفي رمضان الذي يليه نمثّل الحقارة! ويزيدون عليها: كذبٌ وفي الشهر الفضيل؟!! ما قاله كويللو لا ينطبق عليّ، وهذا ليس لأني عظيم زماني، ولكن لأن مدرسة التماهي أو التّلبّس لا أعتقد بصحّتها، فنحن محترفون، نحضّر للشخصية وننفذها وربما نتعايش معها، ومع كثير من لحظاتها، ولكننا في النهاية، وبعد انتهاء التصوير ننساها، وهذا ما تقوله إحدى مدارس التمثيل. س : هل هناك شخصيّة مثلتها، أو تحلم بتمثيلها، فقلت -أو لنَقُلْ في نفسك- : لم أمثّلها، لكنني صرت هي؟ ج : إطلاقاً، لم أصبح أي شخصية مثّلتها، فالاحتراف، وحتى المعايشة، لن تُفضي إلى التَّماهي بأي حال من الأحوال، غير أن هناك شخصيّات أتذكرها، وأحس أنها أخذت مني أو قاسمتني روحي وجسدي، فأسأل أين تكون هذه الشخصية الآن، وماذا تأكل وأين تنام الآن، هل هي في المقهى أو السينما أو مع أصدقائها، أو هل سافَرَت، وكأنها استقلّت عني وعن العمل الفنّي نفسه، واستمرّت في الحياة.. س : النجاح يجعل منك نجماً، أما النهوض من الخيبات فهو ما يبقيك جيّداً، أو يحرّضك على ذلك، بصفتك ممن يُشهد لهم بالنجومية والجودة معاً، أيّ الأمرين تكنّ له اليوم مودّة شاكرة أكثر؟! ج : لو لم أذق طعم النجاح لما امتلكت القدرة على مغادرة الخيبة عائداً إليه، ولولا الخيبة لمَلَّني النجاح وسئم، إنما وبكل صراحة: المودّة والشكر للنجاح وحده، أما الخيبة فالحمد لله معرفتي بها سطحية، فلا مودَّة بيننا أدّعيها. س : كل ممثل جيد، هو مقلِّد جيّد، غير أن كل مُقلِّد جيّد، هو ممثل سيئ، كيف ندخل وكيف نخرج من مأزق كهذا؟! ج : كل ممثل جيّد يُحسن التقليد بدرجةٍ ما، وكل مقلِّد جيّد هو مرشّح محتمل ليكون ممثلاً جيّداً، أما بالنسبة للتقليد كما هو شائع، وربطه باللهو وأجواء الطرافة والاستهزاء، فلا ينفع الممثِّل، بل ينفع الشخص فيُحاط بالمستمتعين اللحظيِّين، لكن لو أن هذه الطاقة استُثمِرَت في شخصيّات، لأُحيط هذا الشخص بالتقدير، ولحصل على اللقب الأعلى: مُمَثِّل.