بالنسبة للعسكريين المنشقين عن الجيش السوري والفارين إلى تركيا، فإنهم لا يرغبون في الظهور كثيرا، فليس هذا وقت تفاؤل، حسبما يرون، فهم يشعرون بالقلق والتذمر بسبب قلة الدعم المادي لثورتهم. ومنذ حوالي شهر، تسجل منظمات حقوق الإنسان سقوط 30 إلى 40 قتيلا يوميا، ويرى أحد الجنود السوريين الهاربين إلى تركيا، أن هذه المعدلات المرتفعة ستستمر ما دام التفاوض مع دمشق هو سيد الموقف. عقبات تركية تواجه المنشقين: في معسكر الجيش الحر على الحدود التركية السورية، الذي يخضع لحراسة مشددة من قبل الجيش التركي، يفضل أكثر من 80 ضابط سوري الانتظار والترقب حتى إنشاء “منطقة آمنة” ما وراء الحدود. غير أنه منذ ثلاثة أو أربعة أسابيع، كما يؤكد العسكري المنشق، تغيرت تركيا: “ليس فقط لا تزود المقاومة بالأسلحة أو المال حتى في الخفاء، ولكنها تضع أمامنا العقبات”. تم إغلاق الحساب المصرفي للجيش السوري الحر الخاص بهم تحت ضغط السلطات التركية، وحتى المجلس الوطني السوري المعارض لم يفتح حسابا مصرفيا في تركيا إلى الآن. وعلى هذا، يسخر الضباط المنشقون في الحدود من شائعات وسائل الإعلام الغربية التي ادعت أنهم يتلقون تدريبات على يد وكالات الاستخبارات الغربية، وخاصة الفرنسية منها والأمريكية، وحتى الأسلحة والذخيرة التي بحوزتهم، تم تهريب جميعها. إلى متى الاختفاء وراء “حرب طائفية”؟ من فترة، قام وفد من المجلس الوطني السوري بزيارة قائد الجيش السوري الحر، العقيد “رياض الأسعد”، واجتمعوا معه لمدة ثلاث ساعات. ووافق الضباط حينها على التنسيق مع المجلس وحتى الالتزام بسياساته، وتشكلت لجنة مشتركة من أربعة أعضاء لكل منهما، وتعهدوا بدعم الجهود التي تبذلها الجامعة العربية، وتعهدوا بالعمليات الدفاعية دون الهجومية منها، ولكنهم لا يستطيعون السيطرة على كل الجنود المنشقين في داخل سوريا. ووفقا للمقدم “عبد الستار يونس”، عضو المجلس العسكري لقيادة أركان الجيش السوري الحر، الذي انضم للاجتماع عن طريق الهاتف، فإن “العمليات الدفاعية ستتواصل ضد أجهزة النظام الأمنية التي تقتل وتعذب، لكننا لن نستهدف مرة أخرى قوافل للجيش”. هذا في وقت سابق، ولعل الوضع تغير الآن. ولا يمكن للضباط الخروج من المخيم إلا تحت حراسة تركية، بسبب المخاوف “من الشبكات التي يزرعها النظام السوري في تركيا”، ويعترفون، وربما يتفهمون أن “تركيا لا تستطيع أن تفعل أكثر من هذا من دون تفويض دولي”. ولكن، كما عبر أحد الضباط: “من الضروري أن يحسم المجتمع الدولي أمره في نهاية المطاف، وليس الاختباء وراء ما يسمى مخاوف من حرب طائفية”!. عسكريون منشقون مستقلون: بعض الضباط المنشقين اللاجئين في تركيا لم ينضموا إلى معسكر العقيد “رياض الأسعد”، ومن بينهم جنرال، حسب قوله، ينتظر ساعة الحسم، وكذا المدعو هيثم الكردي، الذي كان ضابطا في قوات الدفاع الجوي، وأصبح مسؤولا عن مجموعة من المنشقين في حماه، تحدث مع مراسل صحيفة” لوموند الفرنسية” في تركيا، قائلا: “إذا كانت هناك منطقة أمنية، فإن 80٪ من ضباط الجيش سينشقون، وكثير منهم، ونحن على اتصال بهم، لا يمكنهم ذلك الآن إلا بعد توفير ملاذ آمن لعائلاتهم، ولكن إذا تم اتخاذ قرار، فلدينا خطط، ونحن مستعدون للتحرك”، واستطرد موضحا: “عدا ذلك، وبالنظر إلى الوتيرة البطيئة التي نتحرك عليها حاليا، فإن الأمر سيستغرق خمس سنوات للتغلب على النظام!”. ويرحب هذا الضابط بالجهود المبذولة لتوسيع قاعدة الثورة السلمية باتجاه حركة العصيان المدني، بقوله: “كنا نريد هذا من فترة طويلة، لأن الناس الذي يطالبون بحماية دولية، يدافعون عن أنفسهم بلا سند ولا غطاء، وهو ما يفضي إلى حرب أهلية، وهناك جهات مشبوهة متحفزة ومستعدة لملء هذا الفراغ”. الضباط المنشقون في تركيا