تستضيف العاصمة المغربية الرباط خلال الفترة من السابع من سبتمبر إلى 31 من أكتوبر معرضاً للصور بعنوان (أمريك) عن تأثير الثقافة العربية في أمريكا الجنوبية. وكان المعرض قد بدأ جولة في أنحاء العالم في عام 2005 قبل أن يستقر به المقام أخيراً في معهد الدراسات الإسبانية والبرتغالية التابع لجامعة محمد الخامس. المعرض يضم مجموعة من الصور التقطها 23 مصوراً من البرازيل وبوليفيا وبيرو والأرجنتين وكولومبيا وباراجواي والإكوادور وتشيلي تسلط الضوء على التداخل الدقيق بين الحضارتين العربية واللاتينية في العصر الحديث وعلى مر التاريخ. ويهدف المعرض إلى التعريف بثقافة وتراث ولغة الشعوب التي تتحدث باللغتين الإسبانية والبرتغالية. وقال حسن الزعيم، مدير دار الفنون في الرباط التي يقام فيها المعرض “من خلال هذا المعرض للصور تبين الوجود الحضاري العربي في هذه البقعة من العالم الذي في أمريكا اللاتينية وتبين العلاقات الوثيقة على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي والإنساني بصفة عامة. وهذا بالتأكيد يدفعنا إلى أن نفكر في التنوع الثقافي”. وذكرت فاتحة بنلباه، مديرة معهد الدراسات الإسبانية والبرتغالية، أن الروابط بين المهاجرين العرب ومضيفيهم في دول أمريكا اللاتينية المختلفة وصلت إلى درجة الاندماج. وقالت “هذه المجتمعات احتضنتهم بقوة. هذا نموذج للاندماج الثقافي والتمازج الثقافي، وهذا هو الذي يهمنا الآن. يسعني القول: لدينا مثال للاندماج”. وعاش المسلمون والمسيحيون واليهود في تناغم كامل عدة قرون في الأندلس، وساهموا جميعاً في ثرائها الفكري والثقافي. ويقول كثير من المؤرخين إن ذلك التنوع الديني في الأندلس تميز بالانفتاح الثقافي والتسامح والرخاء الاقتصادي، وأسس حضارة لاتزال آثارها باقية إلى اليوم. وقال الكاتب والمؤرخ والباحث محمد العربي المساري الذي كان سفيراً للمعرب لدى البرازيل خلال زيارة لمعرض (أمريك) “نجد أنه في الأجيال الأولى ظهرت مثلاً الرابطة القلمية والعصبة الأندلسية. العجيب أن ذلك المجتمع بتنوعه وانفتاحه وتسامحه أوحى لهم بأنه هذا أندلس جديد، لأن الأندلس القديمة هي هذه.. هي التنوع والتسامح والتعايش. فسموا الرابطة التي بينتهم العصبة الأندلسية”. وينحدر آلاف من سكان دول أمريكا اللاتينية اليوم من عائلات عربية هاجرت قبل قرون إلى هناك معظمها من سوريا ولبنان وفلسطين. وحقق أبناء وأحفاد المهاجرين العرب في دول أمريكا اللاتينية نجاحا كبيرا في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية كما وصلوا إلى أعلى المناصب السياسية والدبلوماسية. وقال أحمد أبو سعيد القائم بأعمال سفارة فنزويلا في الرباط “نحن العرب وصلنا في أمريكا الجنوبية إلى موقع القرار.. إلى موقع القرار. رئيس الجمهورية مرتين دورتين متتاليتين كارلوس منعم. رؤساء الجمهورية متتاليين لمرتين في دولة الإكوادور. رؤساء الجمهورية اثنين في كولومبيا. في فنزويلا اليوم نائب رئيس الجمهورية ووزير العدل ووزير الداخلية ومجموعة من مؤسسات الدولة الرئيسية في أيدي أناس من أصول عربية. لو هذه الكوادر.. وهذا ما قلناه في الجامعة العربية.. لو هذه الكوادر يستفاد منها أو مهيأة في رابطة معينة لخدمة القضايا القومية والوطنية العربية لكنا غيرنا وجه التاريخ في أمريكا الجنوبية لصالح قضايانا العادلة”. وتعبر الصور التي يضمها معرض (أمريك) في الرباط عن العلاقات التاريخية بين العرب ودول أمريكا الجنوبية. وأقيم المعرض لأول مرة في برازيليا في عام 2005 واستعير اسمه من طريقة نطق المهاجرين العرب الأوائل لاسم أمريكا قبل قرون. الرباط | رويترز