أقامت حملة “كلنا نقرأ” في البحرين، مساء الخميس الماضي، ضمن أنشطة مهرجان “تاء الشباب” الرابع، فعالية “جدل الديمقراطية”، استضافت فيها المفكر المغربي الدكتور عبدالإله بلقزيز. وتوغلت “كلنا نقرأ” في تجربة بلقزيز وإصداراته المختلفة التي اختارت الحملة منها ثلاثة عناوين: “نقد الخطاب القومي”، و”النبوة والسياسة”، و”ثورات وخيبات في التغيير الذي لم يكتمل”، الذي جمع فيه الكاتب مقالاته المتزامنة مع ثورات الربيع العربي. وبحضورٍ لافت من الشباب، إضافة إلى السفير المغربي لدى البحرين، رحب مدير الجلسة فواز الشروقي بالضيف، وعرَّف به، مستعرضاً مراحله التعليمية والعملية، وأبرز المقالات والكتب التي ألفها. وافتتح الشروقي الحوار بسؤال حول المفهوم السائد للديمقراطية في الوطن العربي، فأجاب بلقزيز بأن موضوع الديمقراطية في الوطن العربي يعتريه الغموض، نتيجة “الاستسهال الفكري السائد” تجاه الخطاب الديمقراطي، على حد تعبيره، حيث يتم الحديث عن الديمقراطية وكأنها مجرد انتخاب واقتراع ووصول للسلطة، مؤكداً أن الانتخاب وصناديق الاقتراع هي آخر خطوة تجاه الديمقراطية. وأوضح أن الديمقراطية ثقافة يحمل تبعاتها نظام متكامل لا ينفصل سياسياً ولا ثقافياً ولا اجتماعياً، فلا يوجد إنسان يمكنه الادعاء بأنه ديمقراطي في بيئة ليست ديمقراطية، بل إنها غير مهيأة في الأساس للدخول في هذه الخطوة، وأعطى مثالاً على الصعيد الأسري في المجتمعات العربية، من حيث استبداد رب الأسرة بالرأي والأفعال، وتهميش دور بقية أفراد الأسرة في اتخاذ قراراتهم، وعدم محاولته التقرب منهم وتفهم الحرية الفردية لهم. وأشار بلقزيز إلى أن المجتمعات الأوروبية عانت لسنوات طويلة للوصول إلى الديمقراطية التي هم فيها، من خلال تأثير ثلاث دول رئيسية كبرى، هي فرنسا وبريطانيا وأمريكا، منوهاً بأنه لا يمكن من خلال شعارات وهتافات الوصول إلى أنظمة متوافق عليها تضمن العدالة الاجتماعية وتنمية مستدامة للشعوب، وليس على الشعوب العربية خوض التجربة هذه الطويلة للوصول إلى نتائج إيجابية. ونوه إلى ضرورة امتلاك العقلية العربية حاستين من أهم الحواس الطبيعية التي يجب أن يحسن استخدامها لمدخلات مفهوم الديمقراطية، وهما الكلام والسمع من أجل التوصل إليها، وأضاف أن للديمقراطية ثوابت، وهي: أولاً: الحرية، وهي أقدس مقدساتها، فلا يكون الحاكم ديمقراطياً إن لم يعطِ مساحة من الديمقراطية لشعبه، وإن أتت سلطته بأغلبية صناديق الاقتراع، فلا يعني كونه منتخباً بالأغلبية أنه ديمقراطي، إن كان في الأساس ذا فكري استبدادي محض. ثانياً: التعاقد الاجتماعي، أو ما يسمى بنظرية العقد الاجتماعي، والتي تقوم على التوافق والتراضي بين جميع الأطراف. وأخيراً: الفصل بين المجال الروحي والزمني، حيث لا لتديين السياسة، ولا لتسييس الدين. واختتم الشروقي الحوار بالشكر الجزيل للضيف، وانتهت بتقديم درع تذكاري للضيف من قبل رئيسة الحملة فاطمة طالب. د عبدالإله بلقزيز الشرق | المنامة