قبل أربعة أشهر شهدت الرياض عقد مؤتمر المانحين لليمن، الذي جمع مساعدات مالية بنحو أربعة مليارات دولار، لتمويل المشاريع والتنمية الاقتصادية، وتنفيذ الخطط لتحسين الوضع الاقتصادي لبلد أنهكته الحروب الداخلية والخلافات السياسية. وأمس عاد المانحون إلى الانعقاد في الرياض مرة أخرى بحضور حشد عربي ودولي لإطلاق برامج الأعمال وتحسين الأمن والاستقرار ومعالجة الوضع الإنساني المتردي وتحفيز التعديلات الدستورية والإعداد للانتخابات. لا أعرف هل استلمت الأجهزة اليمنية من حكومة وجمعيات المجتمع المدني المليارات الأربعة من الدولارات التي اعتمدت في مؤتمر المانحين الذي عقد في الرياض في أيار (مايو) الماضي، ولكن الذي أعرفه ويعرفه الجميع هو أن اليمن يعيش وضعاً اقتصادياً متردياً يعد بكل المقاييس وضعاً مأسوياً، أو وصل مستوى الفقر حدَّاً لا يحتمل، تسبب في تردي الحالتين الصحية والمعيشية لليمنيين، وبالذات الأطفال الذين لا يجدون العلاج ولا الغذاء، مما رفع نسب الوفاة، حيث يعاني أكثر من نصف الأطفال في اليمن حالة من (الأنيميا) المزمنة، فيما تعاني الأسر حالة عوز غير مسبوقة. الحكومة اليمنية التي تشكلت بموجب اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية والاحتراب السياسي، والتي تشكلت من مناصفة بين أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر العام الحاكم السابق، ورثت تركة ثقيلة، محملة بالأزمات والمشكلات، كما أنها لم تورث من خزينة الدولة أية أموال، حيث كانت خزينة فارغة، مثلما أكد رئيس وزراء الحكومة الوفاقية محمد سالم باسندوة. وقد حاولت الدول الداعمة التي رعت اتفاق السلام في اليمن مساندة حكومة باسندوة، وبذلت الأممالمتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية جهوداً مكثفة لمساعدة حكومة الوفاق الوطني، وبذلت المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية جهوداً مكثفة لتمكين وتحقيق النجاح لبنود اتفاقية الوفاق الوطني، إلا أن تلك الجهود لم تحقق حتى الآن المأمول المنتظر، بسبب سوء الإدارة وتفشي الفساد والتناحر بين طرفي الحكم، مما أوقف وجمَّد خطط التنمية وأوقف المشاريع، وهو ما يحاول المانحون مع حكومة الوفاق الوطني إيجاد حلول له. مؤتمر المانحين الذي عقد أمس يستهدف تقديم حزمة جديدة من المليارات من الدولارات الأمريكية، وقد بدأت المملكة العربية السعودية التحرك بوضع وديعة بمبلغ مليار دولار أمريكي في البنك المركزي اليمني، كما من التوقعات أن يحقق مؤتمر المانحين دعماً يتجاوز الستة مليارات، تساعد في البدء في تنفيذ برامج التنمية التي يطالب المانحون وأبناء الشعب اليمني أن تكون تحت إشراف المانحين، ولهذا فقد اتفق على افتتاح مكتبين أحداهما للأمم المتحدة والآخر لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للإشراف ومتابعة التنفيذ للقضاء على الفساد الإداري والمالي وللإسراع في تنفيذ برامج وخطط التنمية، وفق المقترحات والوثائق التي قدمتها الحكومة اليمنية للمؤتمر. [email protected]