بدأ الكاتب والمخرج المسرحي عبدالرحمن المريخي، رحمه الله، تجربته الثقافية تشكيلياً، فعرض لوحاته في معرض جماعي أقيم في الأحساء في العام 1393ه. ولأن اللون متشابك مع الشعر، ويختزل غموضه، صار الشعر أحد هواجس المريخي، وبدأ يجرب في الشعر، وتميز في اصطياد المفردة الشعبية، وكان يهجس بالتجديد، ويجنح إلى أن يحلق ويطير. لم تسعه اللوحة، ولا الشعر، فراح إلى المسرح الأوسع فضاءً، وكان أول من قدم تجربة المسرح الملحمي في المملكة، الذي يعتمد على التجريب في مسرح الطفل، وهي تجربة غير مسبوقة في الوطن العربي. الكاتب والمخرج المسرحي عبدالرحمن علي المريخي، من مواليد 1372ه، تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط في الأحساء، ثم التحق بمعهد «إعداد المعلمين»، وتخرج فيه عام 1395ه، وبعد سنوات من التدريس، عاد للدراسة في الكلية المتوسطة، وتخرج فيها بشهادة دبلوم لغة عربية عام 1407ه. التحق بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء في العام 1391ه، كعضو في قسم الفنون التشكيلية، وفي العام 1393ه شارك في معرض فني جماعي مع محمد الصندل، وعبدالرحمن الخميس، والمعرض من أوائل معارض الجمعية، افتتحه الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، أثناء زيارته لجمعية الثقافة، عندما كان رئيساً للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. التقى المريخي بالشعراء: جواد الشيخ، وإبراهيم الغدير، وشاكر الشيخ، فوجد نفسه فيهم، فأخذ الشعر مفهوماً مختلفاً لديه، وبدأت شخصيته كشاعر تبرز وتتشكل، ليشترك في إصدار ديوان شعر شعبي مع الشاعرين جواد الشيخ، ومحمد المبيريك، بعنوان «العشق يتوهج ثلاثيا»، من إصدارات جمعية الثقافة والفنون بالأحساء عام 1401ه.في العام 1395ه، أخذته الظروف إلى المسرح، حيث عمل مديراً للمسرح في نادي الجيل الرياضي في مدينة الهفوف، ومن خلال هذه المهمة أحب المسرح، وكان لديه إصرار على إنشاء مسرح الطفل، وفي العام 1396ه ساهم مع صبحي عبدالمحسن في إخراج أوبريت «نور وهداية». أعد وأخرج مسرحية «سوق الحمير»، من تأليف الكاتب المصري المعروف توفيق الحكيم في العام 1397ه، وفي العام نفسه قدم مسرحية الأطفال «ليلة النافلة» من تأليفه وإخراجه، وعنها حاز على المركز الأول في المسابقات المسرحية للأندية، التي ينظمها مكتب رعاية الشباب بالأحساء، وتعتبر «ليلة النافلة» من أوائل التجارب المسرحية لمسرح في المملكة، وما يميز هذه المسرحية أنها محلية، من حيث التأليف، الإخراج، التمثيل، الأغنية الفلكلور، اللهجة، الموروث الشعبي، وشارك في تمثيلها ثلاثون طفلا، وعرضت في الأحساء، وفي جامعة الملك فهد في مدينة الظهران، وفي مدينة الرياض. حصول المسرحية على المركز الأول كان سبباً في زيارته لسوريا ومصر وتونس والمغرب، لمشاهدة المهرجانات المسرحية، فعاد متشبعاً بالمسرح، وبأفكار مغايرة عما يحمله للمسرح من فهم تقليدي، فأخذ يتحول مفهومه وإدراكه للمسرح بعد تلك المهرجانات، فقدم مسرحية «قرية اسمها السلام» عام 1398ه، و»نصر البواكير» عام 1399ه، وهما مسرحيتان يعتز بهما، لأنهما تمثلان تجربة جديدة في تاريخه المسرحي، وبذلك اعتبر أول من يتعامل مع المسرح الفكري الذي يعتمد على التجريب في مسرح الطفل في المملكة، وخلال أكثر من عشرين عاماً، قدم تجربة المسرح الملحمي للطفل، وهي تجربة غير مسبوقة في الوطن العربي. عرف باهتمامه وحرصه على الحفاظ على المواعيد لحضور التدريبات المسرحية حينما تولى إدارة قسم المسرح في الجمعية، وفي تلك الفترة قدمت مسرحية «عقاقير وعقارات»، من تأليف عبدالرحمن الحمد، ومسرحية «الحل المفقود» في العام 1402ه، وأوبريت غنائي بعنوان «يوميات بناي» عام 1403ه، و»ابن آدم قادم» 1404ه، وأعد مسرحية «ساق القصب»، من تأليف يحيى يخلف عام 1407ه، ومن المسرحيات التي قدمها أيضاً: «أبو تمام» 1408ه، و»مفتاح القوم» 1410ه، و»رسائل الشرقي» 1412ه، ومسرحيتا «لص فوق العادة»، و»الطائرة الورقية» عام 1412ه، ومسرحية «النقيض» 1413ه، و»حكاية ما جرى» 1414ه، وأخرج مسرحية «شداد بن عنتر» عام 1415ه، من تأليف راشد الشمراني، و»غربة ابن الورد» عام 1417ه، و»حكاية عم جمل» 1418ه، وفي العام 1420ه أعد مسرحية «سنة الرحمة»، وهي قصة محمد بن أحمد الشدي، وكتب عملين للتلفزيون «مرزوق عاشق ومعشوق»، و»ذاكرة الجدران». لم يقتصر المريخي على المسرح فقط، بل تعداه إلى الكتابة الغنائية، حيث لحن له سعد الخميس من كلماته «عاشق تاه في الحنين»، و»الطفل الأخضر»، كما شكل مع الموسيقي عبدالرحمن الحمد ثنائياً جميلاً، في الكتابة والتأليف الموسيقي لمسرح الأطفال.تم تكريمه في المهرجان الرابع للفرق المسرحية الأهلية لدول الخليج، والذي أقيم في دولة البحرين عام 1995ه، بصفته أحد رواد المسرح في الخليج، وتكريمه في جمعية الثقافة والفنون بالدمام عام 1416ه، وفي العام نفسه تم تكريمه في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء. يعتبر عبدالرحمن المريخي من مؤسسي جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، وقد تنقل في رئاسة أقسامها، ففي العام 1399ه رأس القسم الثقافي، وشهدت تلك الفترة فعاليات ثقافية مضيئة في تاريخ الحركة الثقافية في المملكة، ورأس قسم المسرح في العام 1403ه، ثم القسم الثقافي وإدارة النشاطات عام 1414ه، وفي عام 1418ه تم تعيينه مديرا للنشاطات، إلى أن أصبح مديراً للجمعية في العام 1420ه، حتى وفاته في 2005/12/9، إثر إصابته بمرض السرطان.