عادة ما يحظى الزعماء ورؤساء الدول ونجوم السينما والشخصيات العامة في المجتمع بأهمية استثنائية عند الناس وعند الإعلاميين وكتّاب الرأي بشكل خاص، وتؤخذ حياتهم العامة والخاصة بكثير من التحليل والتمحيص والتشريح وتسلط عليها الأضواء الكاشفة من كل الجهات، بحيث لا يترك جانب مظلم فيها إلا وتظهره للعالم، وأكثر من يتعرضون للملاحقات الإعلامية والمتابعات الصحفية من هؤلاء المشاهير، النخبة المميزة منهم «والسياسيون على وجه الدقة» سواء الناجحون منهم أو الفاشلون، ممن لهم طبائع غريبة وتصرفات خارجة عن المألوف، ويتمتعون بقدر كبير من حب الظهور وجنون العظمة، ولا يتوانون عن إبراز أنفسهم كقادة تاريخيين ملهمين لا يشق لهم غبار، وكلماتهم نافذة على رقاب الناس كالسيف الصارم، مستعدون لفعل أي شيء من أجل جلب الانتباه إلى مواهبهم الفذة وقدراتهم الخارقة، سواء عن طريق خطبهم الرنانة الفارغة أو من خلال حركاتهم البهلوانية وملابسهم المزركشة العجيبة كالقذافي أو عبر معاركهم وحروبهم الدامية الكثيرة كصدام حسين أو عن طريق افتعالهم للأزمات والمشكلات الداخلية وتملصهم من الوعود والمواثيق، كرئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي»، فهؤلاء القادة السياسيون «المشاكسون» يعتبرون دائما مواد دسمة للعمل الإعلامي الثري لا غنى عنها في الكتابة الصحفية، فلا تخلو وسيلة إعلامية معاصرة عن ذكر شيء من مناقب الزعيم وأعماله الصالحة وسرد نبذة عن نشأته السابقة وحياته اللاحقة «طفولته وشبابه وعمله السياسي حتى وصوله إلى سدة الحكم» أو توجيه الانتقادات إليه والتهجم عليه وكشف فضائحه، فمن منا لا يعرف التفاصيل المملة من حياة «هتلر» أو «موسوليني» السياسية، أو لم يقرأ عن فضيحة «ووترجيت» للرئيس الأمريكي الأسبق «ريتشارد نيكسون» التي نشرت من على صفحات «واشنطن بوست» مما أدت إلى استقالته فورا، أو عن مغامرات «كلينتون» الغرامية مع «مونيكا لوينسكي»، أو طلاق الفرنسي «ساركوزي» من زوجته، أو فضائح ومغامرات أي زعيم آخر سواء في الغرب أو الشرق؟ فالإعلام ك «أقوى أدوات الاتصال العصرية» لم يعد دوره ينحصر في تضليل الناس والتبعية للنظام السياسي القائم ولو كان خاطئا، بل أصبح بفضل «ثورة تكنولوجيا الإعلام» مشاركا رئيسا في صنع الأحداث السياسية وبات يمارس دوره المؤثر كسلطة رابعة، ويرجع له الفضل في كشف كثير من الوثائق التي تدين الخروقات السياسية والسرقات المالية لزعماء دول وقادة كبار، وكان له تأثير مباشر في سقوط عدد منهم، كما في الوثائق التي نشرها موقع «ويكيليكس» عن زعماء مفسدين استغلوا مناصبهم لتمرير صفقات سياسية واقتصادية مشبوهة.. فمن واجب الإعلام الهادف أن يلازم حياة المسؤولين والزعماء كظلهم ويوجههم ويراقبهم خطوة بخطوة ولا يفارقهم لحظة، لأن حياة هؤلاء القادة لم تعد ملكا لهم بل أصبحت ملكا للشعب من يوم أن اعتلوا سدة الحكم وأخذوا على عاتقهم مسؤولية إدارة البلاد. والإعلام العراقي عندما ينتقد رئيس الوزراء «المالكي» ويراقب أداءه السياسي السيئ، إنما يمارس عمله المهني بصورة طبيعية، ولا يستهدف شخصه أو حزبه.