سعد بن عبد الله العجلان – عضو مجلس الإدارة ورئيس اللجنة التجارية بغرفة الرياض استوقفني كثيرا تصريح محافظ هيئة تنظيم الكهرباء مؤخرا وهوأن الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء بمفرده قد يصل إلى 15 مليار دولار ( 56 مليار ريال) خلال الخمس سنوات المقبلة. هذا الرقم في قطاع واحد جعلني أفكر كثيرا في المبالغ الضخمة التي تضخها الحكومة لدعم السلع والمنتجات والخدمات في البلاد، وأحيانا يشعر بها المواطن، وغالبا لا يشعر بهذا الدعم وحجم الإنفاق الذي يصل إلى قطاعات كثيرة. فالمملكة تنفق عشرات المليارات سنويا لدعم سلعٍ حتى لا تقفز الأسعار وحتى تكون في متناول كافة فئات المجتمع السعودي. وللدعم في بلادنا صور ووجوه كثيرة ، منه دعم السلع الضرورية وكان آخرها حليب الأطفال ، وسبقها دعم لسلع ضرورية مثل الأرز والشعير، إضافة إلى تخفيض أسعار البنزين والديزل. وهذا الدعم يستهدف تخفيض الأسعار للمواطن.، كما أن هناك دعما بشكل آخر يتم بغرض دعم الصناعة عبر صندوق التنمية الصناعي بغرض تمويل المشاريع الصناعية، وتخفيض سعر الوقود على تلك المصانع مقارنة بالأسواق العالمية، كما أن هناك دعما لشركات مثل شركات الأسمنت والصناعات البتروكيماوية بصور متنوعة، مما يجعل تنافسية صناعية هذه الشركات عالية مقارنة بالمنتجات المستوردة. هناك أيضا الدعم الزراعي، يتمثل في صندوق التنمية الزراعي من خلال تمويل المشاريع الزراعية، ودعم الشركات الزراعية بالأراضي وبعض المدخلات الزراعية بأسعار تساعد على تنمية هذا القطاع. وكذلك الدعم الحكومي للإسكان، من خلال صندوق التنمية العقاري، ودعم بناء الوحدات السكنية، كما يكون للدعم الحكومي صور أخرى مثل تخفيض الرسوم الجمركية.ونحن بحاجة إلى بيانات وأرقام عن حجم الدعم والإعانات الحكومية السنوية. ولدي رؤية في هذا الشأن، تتعلق بأهمية إعادة النظر في هذا الدعم وتحويله من دعم للسلع والخدمات إلى دعم مادي مباشر للمواطن ليصل إلى مستحقيه وبخاصة ذوي الدخول المحدودة أو العاطلين عن العمل، والتركيز كذلك على دعم الشباب ممن يؤسسون مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر بحيث نطبق المثل الصيني «لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف اصطاد» فالوظيفة أو المهنة تساهم في حل مشكلة الإنسان من جذورها ،فتقديم المال والدعم والمساعدة سينتهي بعد فترة زمنية، أما العمل فهو مستمر ويساهم في تطوير إمكانات وقدرات الإنسان. ولا أعتقد أنه في حال تحول الدعم إلى مباشر ونقدي سيساهم في إيجاد أعباء إضافية على ميزانية الدولة بل على العكس قد يكون وسيلة لتخفيف الأعباء المليارية. ونستطيع رصد بعض إيجابيات الدعم المباشر وهي: الحد من الهدر الاستهلاكي للسلع والخدمات وبخاصة المياه والكهرباء، توقف تهريب كثير من السلع والمنتجات إلى بعض الدول المجاورة نتيجة انخفاض سعرها في بلادنا وارتفاعها هناك ،وبخاصة المشتقات البترولية، رفع مستوى القدرة الشرائية للمواطن وإتاحة المجال أمامه للتوفير والإنفاق حسب احتياجاته وإمكانياته، تعظيم استفادة الأسر الكبيرة والمحتاجة كون الدعم موجه للأفراد مباشرة حسب عددهم، رفع مستوى المنافسة وزيادة كفاءة وجودة السلع والخدمات كون الأسعار مشجعة لظهور صناعات وخدمات تعمل وفقا لمعطيات السوق المحلي والأسواق الخارجية، زيادة معدلات المنافسة بين المواطن والمقيم في أعباء وتكاليف المعيشة من خلال الانعكاس الإيجابي للدعم على المواطن. أما المقيم سيسدد القيمة الفعلية للخدمات والسلع. فإحساس المواطن بميزة نسبية تؤثر إيجابا على حالته النفسية. والمساهمة في زيادة تفاعل المواطن مع الحكومة يقوم من خلالها تقديم كافة البيانات والمعلومات الأسرية وغيرها بطريقة دقيقة مما يساهم في التخطيط السكاني والاقتصادي وتوجيه خطط التنمية بشكل دقيق، مع مواكبة زيادة معدلات الوعي الاقتصادي لدى المواطن، وتغيير ثقافته الاستهلاكية إلى الإنتاجية، والحد من من عمليات الإفراط الإنفاقي والاستهلاكي غير المبرر، انخفاض معدلات تخلف الوافدين للبلاد بطريقة غير شرعية أو المتخلفين عن العودة لبلدانهم حيث أسعار السلع والخدمات في المملكة هي الأمل على مستوى المنطقة والعالم . على سبيل المثال أسعار البنزين والكهرباء والديزل، مواكبة الانفتاح الإقليمي والدولي وحرية حركة الأفراد والسلع والخدمات بين الدول وإنشاء الأسواق المشتركة مثل السوق الخليجية. وفي النهاية تبقى كلمة، وهي أن هذا الموضوع يحتاج إلى حوار مجتمعي واختصاصي للوصول إلى أفضل الصيغ التي ترضي كافة أطراف معادلة الدعم في البلاد بحيث يصل إلى مستحقيه. وقد تخرج من بلادنا صيغة للدعم يستفيد منها العالم بأسره كتجربة خرجت من المجتمع برعاية حكومية شاملة تقدم المعلومات والبيانات وتترك المجتمع والخبراء والمختصين في تقديم الرؤية المباشرة لأفضل صورة للاستفادة من الدعم في البلاد. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.