بتاريخ 13 سبتمبر 2011 عرضت القنوات الفضائية منظر جندي سوري يقترب من قطيع من الحمير فيبدأ في حشرهم بجنب بعض حتى لا يفلت واحد من العقوبة البعثية ثم يبدأ في تعريتهم من البردعة! ثم يتحلق رهط من الجنود الأشاوس فيبدؤون في تسليط رشاشاتهم على هذا القطيع البائس. كانت الحمير الوديعة في مرتفع بسيط فبدأ البعض في التساقط على المنحدر، ومنهم من تحمل الطلقة الأولى فلم يمت من الكالاشينكوف فجاءته زخة الرصاصات الغادرات فعجلت بروحه. وثالث ارتمى على جنبه يرتعش قبل الموت وهو الحيوان الجلود الصبور، وتمدد رابع على جثة صديقه في الحمل والأحمال والأتعاب يشكو إلى الله ظلم العباد. لم أفهم كل هذا الحقد على هذه المخلوقات الوديعة الصبورة. قال لي صديقي يروي عن حكمة الحمار أنه لا يضيع طريقه إذا مر فيه مرة واحدة. سألت نفسي عن دوافع مذبحة الحمير الشامية أين وقعت؟ وفي أي وقت؟ ولماذا؟ وبيد من؟ وما هي الدوافع؟ هذه أيضا سوف تبقى على ما يبدو من الأسرار، كما في مصرع الحريري، وقتل ألف في سجن تدمر في ليلة واحدة مثل سجن بوسليم الليبي، وعدد من مات في سجن صيدنايا فسفحت دماؤهم، والكثير الكثير من الضحايا الذين لا يضمهم كتاب، ولا يعرف أحد أين أجداثهم وعظامهم؟ يبدو أن الآخرة مثيرة جدا للرؤية فلسوف يصبح البصر حديدا فيرى المؤمن جيدا ماذا جرى من أحداث على وجه الدقة! هكذا كانت تتمنى زوجتي ليلى سعيد رحمها الله رؤية هذه الأسرار التي يماط عنها اللثام. يقول الرب: «وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال». (سورة إبراهيم الآية 46)، ويقول: «ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار» (سورة إبراهيم الآية 42). تذكرت الحديث «مستريح ومستراح منه» قالوا يا رسول الله من المستريح ومن المستراح منه؟ قال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله عز وجل، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب. نعم الدواب مثل الحمير: فقد استراحت!