حافظت المنطقة التاريخية في جدة على مظاهر الحياة الاجتماعية القديمة، التي كانت ومازالت تشتهر بها عبر تاريخها الممتد لأكثر من 400 عام، خصوصاً في مواسم الأعياد، كالتواصل بين الجيران ومركاز العمدة والبسطات الموسمية التي أصبحت عادة تجذب أهالي وزار جدة. وتتميز المنطقة التي يحرص الناس على التبضع من أسواقها، ومنها العلوي والبدو والندى والخاسيكة، التي تعد بمثابة الكرنفال السنوي للبسطات الشعبية التي تقود المشاهد إلى مشاهد قديمة لجدة يحرص على متابعتها الزوار من داخل المملكة وخارجها. وعدَّ عمدة حي الشام والمظلوم ملاك باعيسى، المنطقة التاريخية قلب جدة النابض بالحضارة والتراث، مشيراً إلى أن حارة المظلوم تضم أقدم مكان للترفيه في المملكة، وهي «برحة العيدروس»، التي يعود تاريخها لأكثر من سبعين عاماً وتحيط بها المباني الأثرية القديمة التي تزيّنها الرياشين، وتضم في أرجائها عديداً من ألعاب الأطفال التراثية التي يتم تحريكها يدوياً. وأشار رحمة الله الخوتاني، أحد أهالي المنطقة القدامى، إلى أن عدد سكان المنطقة يبلغ نحو 22 ألف نسمة، وكانت تضم وقت دخول الملك عبدالعزيز جدة 3300 بيت، لم يتبقَّ منها بشكله القديم سوى 150 مبنى. مشيراً إلى أن كثيراً من أهالي المنطقة الذين انتقلوا إلى أحياء أخرى يحرصون كل رمضان وإطلالة عيد على زيارتها. وأضاف سالم القرشي، أن استقبال العيد في جدة قديماً كان يغلب عليه طابع الفرح والحرص على التسامح بين أهل الحي بمبادرة من العمد والأهالي. أما حسن أبونادر فأشار إلى «المسحراتي» في حارة المظلوم بحماره المزيّن بنقوش من الحناء وهو يعلن انتهاء شهر رمضان ودخول العيد. وتعرض سامي سلامة إلى الأهازيج التي كانت تتردد في الأعياد أثناء اللعب بالمزمار والرقص على الدفوف، لافتاً إلى أن المزمار من أشهر ألوان الفنون ليس على مستوى جدة فحسب، ولكن على مستوى مدن الحجاز بأكملها. أما محمد أحمد فذكر أن العيد في الماضي كان موسماً للقاء الأقارب والإفطار الجماعي بينهم. من جانبه، قال مدير بلدية المنطقة التاريخية المهندس سامي نوّار، إن المنطقة تتميز بنشاط الحركة في الشوارع والميادين في موسم العيد، مبيناً أن المنطقة لا ينقطع عنها الزوار في مختلف المواسم، وتقام فيها الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تهدف لإحياء التراث الثقافي لجدة. لافتاً إلى أن الأمانة تحرص على تعريف أبناء الجيل الحالي والزوار بتراث جدة القديمة وبالعادات والتقاليد المعروفة في منطقة الحجاز.