أمرت محكمة مصرية اليوم الخميس بحبس رئيس تحرير صحيفة “الدستور” اليومية إسلام عفيفي على ذمة محاكمته بتهمة إهانة الرئيس محمد مرسي، مما أثار ردود فعل غاضبة استنكرت الحبس الاحتياطي في قضية نشر. وقال المستشار محمد درويش، رئيس محكمة الجنايات بمحافظة الجيزة التي تجاور القاهرة، في ختام أولى جلسات المحاكمة “أمرت المحكمة بإلقاء القبض على المتهم وحبسه على ذمة القضية”. وغادرت هيئة المحكمة القاعة مسرعة بعد النطق بقرارها، الذي اشتمل أيضاً على تأجيل نظر القضية لجلسة 16 سبتمبر. وألقت الشرطة القبض على عفيفي الذي كان يحضر الجلسة. وهتف صحفيون متضامنون مع عفيفي فور صدور قرار حبسه “يسقط يسقط حكم المرشد”، في إشارة إلى محمد بديع (المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي). وقال عفيفي في اتصال هاتفي مع “رويترز” خلال نقله إلى السجن “كلنا في اختبار حقيقي… أطالب جميع أجهزة الدولة بالتصدي لمحاولات القمع وتكميم الأفواه”. وكانت نيابة أمن الدولة العليا أحالت عفيفي للمحاكمة هذا الشهر بعد أن نسبت إليه أنه خلال يوليو الماضي وأغسطس الحالي “أهان رئيس جمهورية مصر العربية بطريق النشر بأن نسب إليه في عشرة أعداد متتالية بجريدة “الدستور” تهديده لأمن وسلامة البلاد، بادعاء حشده ميليشيات من “البلطجية” ومثيري الشغب للاعتداء على معارضيه”. وتضمن أمر الإحالة أن عفيفي زعم في الصحيفة أن مرسي نجح في انتخابات الرئاسة في يونيو الماضي بالتزوير، وأن مصر في عهده تبيع مساحات من الأراضي في سيناء للفلسطينيين، تمهيداً لاحتلال الفلسطينيين لشبه الجزيرة المصرية. وقالت نقابة الصحفيين في بيان إنها تعبر عن استنكارها للقرار، وتبذل مساعيها للإفراج عن رئيس تحرير “الدستور”. وقال نقيب الصحفيين ممدوح الولي “إذا استحال الإفراج عنه، نسعى لإيداعه مستشفى خشية تدهور حالته الصحية”. ويقول زملاء لعفيفي إنه مصاب بمرض السكري. وقال رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان المحامي جمال عيد في اتصال هاتفي مع موقع “أصوات مصرية”، أحد المواقع التابعة ل”رويترز” على الإنترنت، “إسلام عفيفي ليس الهدف من الحكم (القرار)، ولكن (الهدف) رسالة خوف يتم نشرها”. ووصف القرار بأنه “تعسفي” وقال “هي قضية نشر… مناخ الخوف يبدأ (بثه) بالسيطرة على الصحافة”. وأضاف أن هناك ثلاثة شروط للحبس في القضايا بصفة عامة “وهي ألا يكون له محل إقامة، أو أن يخشى هروبه، أو أن يعبث بالأدلة.. والثلاثة غير منطبقين على المتهم”. لكن نائب رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة المستشار مجدي الجارحي قال “بشكل عام قرار الحبس الاحتياطي سلطة تقديرية مخولة لهيئة المحكمة”. وقال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة، عمرو موسى، في حسابه على “تويتر”، “إساءة استخدام الأدوات القضائية، مثل الحبس الاحتياطي في تهم فضفاضة، مثل إهانة الرئيس، حجر على حرية الرأي لم يجرؤ النظام السابق على التمادي فيه”. وأضاف “الإهانة الحقيقية لأي نظام هي أن يبدأ عهده بحبس الصحفيين احتياطيا في قضايا الرأي”. واستنكر السياسي محمد البرادعي قرار المحكمة، وقال، في صفحته على “تويتر”، “كأن ثورة لم تقم”، في إشارة إلى الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك. وقال عضو مجلس الشعب المحلول، الناشط السياسي عمرو حمزاوي، في حسابه على “تويتر”، “لا وجود لتهمة إهانة الرئيس في سياق ديمقراطي. وهو (قرار المحكمة) عودة لممارسات سلطوية مقيتة”. كما أدان السياسي أيمن نور، في حسابه على “تويتر”، الحكم. وقال “نرفض الحبس الاحتياطي علي ذمة قضايا النشر. ولا مبرر أو سبب واحد قانوني من أسباب الحبس الاحتياطي يتوافر بحق رئيس تحرير الدستور”. وألغت مصر الحبس الاحتياطي في قضايا النشر قبل سنوات. وقال الموكل عن نقابة الصحفيين المحامي سيد أبو زيد، بعد صدور قرار حبس عفيفي، “هذا القرار يشوبه البطلان، وهو الأول من نوعه، ولم يحدث في عهد (الرئيس الراحل أنور) السادات، ولا مبارك، أن تأمر محكمة بحبس صحفي على ذمة المحاكمة”. وأضاف إن نقابة الصحفيين لم تتلق إخطارا بالتحقيقات التي أجرتها نيابة أمن الدولة العليا في القضية، موضحاً أن هذا يخالف ما نص عليه قانون تنظيم الصحافة وقانون نقابة الصحفيين. وكانت نيابة أمن الدولة العليا قالت إنها طلبت مثول عفيفي للتحقيق أكثر من مرة لكنه لم يمتثل للطلب. ومن جانبه، قال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين علي عبد الفتاح “أنا ضد حبس الصحفيين، وبنفس القوة أنا ضد إشاعة الأكاذيب ونشر الشائعات”. وكانت صحيفة “الوطن” اليومية المستقلة نسبت الثلاثاء الماضي إلى المحامي صبحي صالح، وهو عضو قيادي في جماعة الإخوان المسلمين، وشغل منصب وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشعب المحلول، القول “الانتقاد حق لكن الشتيمة قلة أدب واللي عايز يقل أدبه يتحبس”. وفي نفس يوم إحالة عفيفي للمحاكمة، أحيل صاحب قناة “الفراعين” التليفزيونية، والمذيع بها، توفيق عكاشة، للمحاكمة بتهمة التحريض على قتل مرسي. كما اتهم عكاشة بترديد “عبارات عيب في شخص رئيس الجمهورية” بحسب أمر الإحالة. وكان عكاشة زعم أن أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين هددوا بقتله. وقال في لقطات متداولة على الإنترنت من برنامجه “مصر اليوم”، الذي كان يقدمه على القناة قبل صدور قرار بوقف برامجها موجها كلامه إلى مرسي، “هتيجي تكلمني عن القتل واللي حللنا دمه، واللي حرمنا دمه، طب أنا حللت دمك أنت كمان بقى”. وستبدأ محاكمة عكاشة في أول سبتمبر أمام محكمة جنايات جنوبالقاهرة. وأغلقت قناة “الفراعين” بقرار من الهيئة الحكومية التي رخصت لها بالعمل، والتي قالت إن القناة خالفت شروط الترخيص. وقبل نحو أسبوعين، عين مجلس الشورى، الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان المسلمين، رؤساء تحرير جددا لعدد من الصحف التي تملكها الدولة، بينها “الأهرام” و”الأخبار” و”الجمهورية”، فيما قال معارضون للجماعة إنها محاولة لجعل الصحافة مدافعاً عن الجماعة. وعين مرسي في حكومته عضو جماعة الإخوان المسلمين الصحفي صلاح عبدالمقصود وزيراً للإعلام. وجاء حبس عفيفي عشية مظاهرة دعا لها معارضون لمرسي وجماعة الإخوان. القاهرة | رويترز