ظهر نائب رئيس الحكومة السورية قدري جميل وهو من أشد المناصرين لروسيا وعضو الحزب الشيوعي السوري الذي تحالف مع نظام الأسد لأكثر من أربعين عاما، على شاشات التلفزة من موسكو وهو يقول إن حكومته على استعداد لمناقشة تنحي الأسد على طاولة الحوار، ورأى بعض المحللين أن في ذلك تطورا في الموقف السياسي لنظام دمشق بينما رأى آخرون أن الأسد على استعداد للتنحي، لكن يبدو أن النظام مع حليفته روسيا قررا، العمل الدبلوماسي، لمواجهة مساعي الأممالمتحدةالجديدة بعد أن أوكلت مهام الأزمة السورية لمبعوثها الجديد الأخضر الإبراهيمي. إلا أن جميل وضع شرط تسليم الجماعات المسلحة أسلحتها، كما دعا المجلس الوطني السوري إلى التخلي عن فكرة التدخل العسكري، في الوقت الذي قال لا يجوز أن تضع المعارضة شرط رحيل الأسد قبل بدء الحوار. والمراقب لما يجري في سوريا ولما يقوم به النظام من تصعيد في العمليات العسكرية باستخدام الطائرات والقنابل العنقودية والمحرمة دوليا، واستخدامه لأسلوب الإعدامات الميدانية للمدنيين، يدرك تماما أن النظام لم يفكر بالحوار إلا مع نفسه ومع حلفائه في طهرانوموسكو، إذ منذ بداية الثورة لم يقدم النظام أي مناخ للحوار، بل أسقط كل المبادرات التي أرادت أن تحقن الدم السوري وتؤمن انتقالا سلميا للسلطة. وأفشل المبادرة العربية وأسقطها بمزيد من أعمال القتل واستخدم أساليب غير مسؤولة مع المراقبين العرب، وكذلك أسقط مهمة كوفي عنان، رغم أنه استخدمها كوسيلة لكسب الوقت في محاولة للقضاء على الثورة. ولا يمكن رؤية تصريحات نائب رئيس الحكومة السورية خارج هذا السياق والإصرار على أسلوب المماطلة وكسب الوقت، لتجنب تدخل عسكري دولي بدأ الحديث عنه من واشنطن وعواصم أخرى، بحجة السيطرة على الأسلحة الكيماوية التي هدد نظام الأسد باستخدامها، كذلك لإيجاد مناطق آمنة، بعد أن أعلنت تركيا انها لن تستطيع أن تتحمل مزيدا من اللاجئين السوريين، بعد أن تخلى النظام عن مناطق حدودية لحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، وهذا ربما الذي دعا الأتراك للتفكير في المناطق العازلة تحت غطاء دولي لملاحقة حزب العمال الكردستاني داخل الحدود السورية. وهكذا فالنظام يسعى عبر حديثه عن الحوار وتنحي الأسد، إلى تجنب تدخل عسكري غربي وتركيّ محتمل، ومحاولة جديدة لكسب الوقت عله يستطيع تحقيق نصر ما لتحسين شروطه في مفاوضات يقترحها الإبراهيمي لحل الأزمة.