هناك أشخاص يحاولون دوما تسجيل سبق إخباري ويسعون جاهدين لبث خبر ما، في أسرع وقت ممكن، وفي اعتقادهم أنهم قد أصابوا عين الحقيقة برمتها وهم في الأساس قد تلقفوا طرف الخبر ثم أضافوا عليه بعض التمليحات والبهارات والنكهات حتى يصبح ذلك الخبر ذا جدوى سباقة مهمة لعامة الناس وخاصتهم، وحتى يلفت النظر إلى صاحبه وعند تقصي حقيقته تتكشف أسرار غريبة عجيبة، تظهر كذبه جملة وتفصيلا، وأنه مجرد إشاعات مغرضة يراد بها الباطل وتفريق صفوف الأمة الواحدة، وبث الفوضى والفرقة بين الآمنين وإحداث ربكة مقصودة للإضرار بمصالح الشعب، والنيل من لحمته وتكاتفه وتعاضده وتماسك كيانه المتين. هناك أشخاص يتعمدون دائماً تكبير مسامعهم وحاسة سمعهم لتلقف كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة ومهمة وغير مهمة من أطراف الحديث إما بداعي إثبات وجودهم وإما بداعي «لقافتهم» وتدخلهم فيما لا يعنيهم أو يخصهم، أو بسبب شعور داخلي ناقص يهدفون من خلاله إلى مقاطعة أحاديث الآخرين، حتى يشار لهم بالبنان فيتم نسب ذلك السبق لهم ولجهودهم التي قد يصدقها بعض محدودي التفكير، والجهلة والشامتين والمتشمتين ومن ينتظر تصيد الأخطاء والزلات والعثرات، التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات أو حكومة من الحكومات. تلعب تلك الإشاعات دورا مهما في خلخلة وحدة المجتمع الواحد، وفي بث ظنون السوء في المواطن الصالح وغير الصالح والصادق وغير الصادق والمهتم وغير المهتم، فتنشأ حالة متشابهة من انعدام الثقة فيما بين الجميع، تختلط بها علاقات وتعاملات وأخلاق وسلوك البشر غير السوية مع بعضهم البعض، عندها يتأثر الكل بتلك الإشاعات المغرضة المقصودة والمسيسة والمخطط لها بكل عناية وإتقان، في وقتنا الحالي صارت الإشاعة الإلكترونية من أخطر أنواع الإشاعات، حيث لم يعد هناك شخص جاهل بعالم النت والشبكات العنكبوتية، بل لم يعد هناك عمر محدد وسن معين لا يفهم في عالم التواصل والصداقات والبرامج الحديثة، التي أصبحت في متناول جميع أفراد الأسرة الواحدة، فالكل صار مطلعا على ما يحدث في عالم اليوم القريب منه والبعيد المسموح منه والممنوع الصحيح منه والخاطئ، تتحمل الأسر مسؤولية كبيرة داخل مجتمعنا حيث تلعب تلك المسؤولية دورا مهما في تثبيط وإفشال ودحر وكبح جماح تلك الإشاعات عن طريق تحصين عقول وأذهان وأفكار ومعتقدات أبنائها وبناتها، عن طريق إيضاح خطورة تلك الإشاعات ومقاصدها وأهدافها ونتائجها الحالية والمستقبلية على حياة الجميع، الصغير والكبير الذكر والأنثى الأمي والمتعلم الجاهل والنابغة، ولنا في الشعوب القريبة والبعيدة منا خير مثال على ذلك، اللهم احفظ بلادنا وأمننا وأماننا وأمتنا وشعبنا وسعادتنا ووحدتنا وادحر كيد الأعداء والمعتدين.