توج شهر رمضان المبارك، في المملكة بحدثين مهمين، كلاهما متعلقان بقمة التضامن الإسلامي، التي عقدت في مكةالمكرمة، بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – الأول حدث خارجي، تمثل في تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي، اعتراضا على ما يجري على الشعب السوري الشقيق من قمع على يد قوات النظام السوري. وتمثل الحدث الثاني، والأهم محليا رغم انعكاسه على الدول الإسلامية، في توجيه خادم الحرمين الشريفين، بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب، يتخذ من الرياض مقرا له. وفيما يتعلق بالحدث الثاني، لم تكن الدعوة له متأخرة، وإنما هي امتداد لسلسلة قرارات، ابتدأت بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، في عام 1424ه، حين كان خادم الحرمين الشريفين وليا للعهد، ورعاه طوال الفترة الماضية، وضم في فترات انعقاده مختلف أطياف المجتمع، من أكاديميين ووجهاء، فضلا عن علماء من المذاهب في المملكة، وكان على رأس أولويات الحوار الوطني، تقريب الآراء ووضع الحلول لأهم القضايا التي تواجه المملكة، اجتماعيا وإعلاميا وفكريا. ويأتي الأمر الملكي بإنشاء مركز للحوار بين المذاهب، وخاصة في ظل الظروف التي تنهج إثارة النعرات الطائفية، وتأليب العامة ضد المختلفين مذهبيا عنهم، ليضع أولي الحل والعقد من العلماء (سنة، وشيعة، زيدية، وإسماعيلية، وغيرهم) أمام مسؤولياتهم في الاتفاق على كلمة سواء، تهدف إلى قطع الطريق أمام أهل الفتنة من كل المذاهب، وليظهروا ما للدين الإسلامي من تسامح وتعايش بين أبنائه، قبل إظهاره للآخرين من الأديان الأخرى، التي (من غير مصادفة) حظيت باهتمام القيادة، وتم التعبير عنها بإطلاق مبادرة الحوار بين الأديان. ويحسب لرجال الدين موقفهم المبدئي من إنشاء مركز للحوار بين المذاهب، حيث عبر عديد منهم عن استقباله للأمر الملكي بالترحيب والامتنان، وسجلت خطب الجمعة في الحرمين المكي والنبوي وجوامع أخرى في المملكة، شهادة شكر لهذه الدعوة، كما أصدر جمع من علماء الشيعة في القطيف، موقفا مؤيدا ومساندا لإنشاء المركز، عبّر عن دعمهم ل»رفض خادم الحرمين التقسيمات المذهبية والمناطقية والأيديولوجية، التي تفت في وحدة المجتمع وتماسكه». وعلى رغم نبل الدعوة لإنشاء المركز، وحرص القيادة على جمع الكلمة وإشاعة الود بين أبناء المجتمع، يبقى الأمر في يد علماء الأمة، داخل المملكة وخارجها، سنتهم وشيعتهم، في ترجمة الدعوة إلى واقع يعيشه المسلمون عامة، والسعوديون خاصة.