بإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان للتقاعد، نجح الرئيس مرسي في توجيه ضربة قاسية إلى معارضيه في الداخل والخارج، وأظهر بما لا يدع مجالا للشك قوته كرئيس دولة باستطاعته السيطرة على أهم مؤسسة مصرية على الإطلاق وهي الجيش. بينما تظل الطريقة التي مكنت الرئيس من آداء مهمته سرّا عسكريا من الصعب معرفته بسهولة. وفق مستويين، بنى الرئيس خطته في هذا الأمر الأول: ظاهري تمثل في حشد جماعة الإخوان المسلمين والقوى الثورية في الميادين والشوارع -عقب توليه الرئاسة مباشرة – للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وتمكينه من صلاحياته. والثاني في الخفاء عن طريق التقرب إلى القيادات العسكرية وضمان ولائها للشعب بوصف مرسي الرئيس المنتخب الذي جاء إلى الحكم عن طريق انتخابات حرة ونزيهة. وإذا كانت ثورة الشعب في الخامس والعشرين من يناير -التى رأى العالم مشاهدها- خلعت مبارك من الحكم تحت حماية الجيش، فإن ثورة الجيش -التي لم يشاهدها أحد- أقصت طنطاوي ورفاقه من المجلس العسكري عن السلطة تحت حماية الشعب!بينما تستحق براعة الرئيس في التنسيق السياسي واختيار الوقت المناسب لإعلان القرار -بعد جريمة الحدود- ودعمه بنزول الجماهير إلى الشوارع والميادين -تستحق- المساندة من جميع ألوان الطيف السياسي، خاصة وأن القرار هو مطلب ثوري تم الاتفاق عليه من قبل، وبالتالي فإن مهاجمة الرئيس بحجة أنه يمتلك جميع الصلاحيات منفردا أمر يحتاج للمراجعة! وباختياره للمستشار محمود مكي -صاحب التاريخ الوطني المشرف- ليكون نائبا له؛ سدّ مرسي الأفواه التي بإمكانها توجيه الاتهامات بمحاباة الجماعة، وخطا به خطوة واسعة على الطريق الصحيح للتقريب بينه وبين جميع التيارات السياسية التي على مكي العمل معها في الداخل لتقريب وجهات النظر، وتذويب الخلافات فيما بينها وإحداث نقلة سياسية مهمة بهدف مصالحة وطنية من شأنها أن تتبنى خطة طموح لوأد الفتنة بين الجماعة كفصيل سياسي وما دونها، للخروج من أزمة عدم الثقة ووقف حرب التخوين.من حق الرئيس المصري أن يفخر بقطفه الذي زرع الثوار شجرته، ومن حق الثوار على الدكتور مرسي أن يطالبوه بالإفراج عن زملائهم في السجون العسكرية وتحريك القضايا التي تتهم المجلس العسكري بقتل الشهداء في محمد محمود ومجلس الوزراء وعلى الرئيس السمع والطاعة!أما نصيحتي للمشير طنطاوي ورئيس أركانه سامي عنان هي كتابة مذكراتهما ليعرف المصريون كيف كانت تدار الأمور في عهد المخلوع، والسر في تحول المجلس العسكري من قيادة عسكرية ساندت بقوة الحق المشروع للشعب في ثورته على الظلم إلى قيادة سياسية متخبطة انتهى بها الحال إلى ما انتهى إليه من عزلة تامة، بحيث لم تجد في نهاية المطاف من يوجه لها عبارات الشكر، وإنما حظيت بمن يتهمها بجميع الاتهامات التي (قد) تصل بالرجلين إلى السجن ليرافقا رئيسهما السابق أيامه الأخيرة. آخر سطر: عندما يكون الحل مشكلة إضافية.. تتكاثر الحلول!