صدر من مجلس الوزراء قرار باعتماد مبلغ قدره مليار و400 مليون ريال، إسهاماً من الحكومة في خطة لتطوير شاطئ العقير وتحويله إلى منطقة سياحية «عصرية»، تتولى بناءها شركة مساهمة بين القطاعين العام والخاص، وستُسهم وزارة الشؤون البلدية والقروية عينياً بالأرض المخصصة للتطوير البالغة مساحتها مائة مليون متر مربع. وهذه أول مرة تعتمد الحكومة مبلغاً بهذا القدر لتطوير منشأ سياحي خارج المدينتين المقدستين، الذي يُرجى أن يكون بداية لمشروعات أخرى مشابهة تتبناها الهيئة العامة للسياحة والآثار، فبلادنا زاخرة بمواقع عديدة تملك من الإمكانات والخصائص ما يتيح لها أن تتحول إلى مواقع سياحية تجدب إليها السياح من داخل وخارج الوطن. فعلى ساحلي البلاد الممتدة الآلاف الكيلومترات هناك من الشواطئ ما يؤهلها للتحول إلى منتجعات بحرية منافسة، ودونك أيضاً تلك المناطق الجبلية، ذات الطقس المناسب، القابلة للتحول إلى مصايف سياحية جاذبة، والآثار الإسلامية وما قبل الإسلامية المنتشرة في أرجاء مختلفة من البلاد، التي يتعطش كثير من محبي هذه الأماكن لزيارتها ومشاهدتها عن قرب. والعقير بما يملك من إرث تاريخي وموقع بحري جميل يستحق أن يُعطى مثل هذا الاهتمام وأن ينال من العناية التي يمكن أن تحيله إلى رئة بحرية مطورة لأهالي الأحساء، ومنطقة جذب سياحي وطني، يستفاد منها ترفيهياً واقتصادياً. فالسياحة عندما تتحول إلى صناعة فإنها تفتح الأبواب لتوفر عديد من الوظائف والمهن، ولكنها كأي صناعة لها مقوماتها وشروط نجاحها، حيث تأتي حرية التصرف في كيفية ونوعية قضاء الأوقات بدون وصاية أو رقابة من أحد، مع تنوع الخيارات المتاحة للسائح، في مقدمة مقوماتها، إن لم تكن عمودها الفقري الذي لا تستطيع الوقوف بدونه. وبما أن أحد أغراض السياحة هو الترفيه والاستمتاع، فمن غير المعقول أن نشيّد واجهات ومراكز سياحية بمبالغ طائلة، في الوقت الذي مازلنا نضع أنفسنا في خصام بل وتحريم مع مؤسسات الفن العصرية كالمسرح والسينما التي تدخل ضمن مراكز الترفيه التي يهتم بها قطاع لا يُستهان به من السياح. ويعدّ اكتمال البنية التحتية وتوفر الخدمات اللوجستية مقومات لا يستغنى عنها في أي مشروع سياحي ناجح، إلّا أن جاذبية الموقع في الرؤية المعاصرة للسياحة لم تعد تقتصر على ذلك فحسب، بل تضع في اعتبارها عمق الحفاظ على البيئة الأصلية للمكان وعدم العبث بمكنونها، وأن إكمال البنية التحتية يجب أن لا يقود إلى التفريط بهذا الإرث البيئي. وهو ما نتمنى أن تكون الهيئة العامة للسياحة والمتاحف قد وضعته في اعتبارها، وأن يكون هناك التزام بالإبقاء على المكنون البيئي للعقير بشكل عام ولشاطئها بشكل خاص. خاصة بعد أن خسرنا كثيراً من آثارنا التاريخية ودُمرت خصائص لبيئات فريدة، في مشروعات عقارية عشوائية وتجارية جشعة لم تعطِ أي اعتبار لقيمها التاريخية والثقافية والبيئية.