قد لا يعي بعض الفنانين والمتابعين الفارق الكبير بين هذين الشقين المعرفيّين فهم يقدمون « التهريج والرقص والنكات والتقليد» وهي من فروع الاستعراض الفني وهي بعيده تماما عن التمثيل فمن خلال متابعتي للأعمال الفنية خلال الموسم الرمضاني، فأنا أرى أعمالا مسرحية تصّور بالأسلوب السينمائي لتعرض على الشاشة الصغيرة، ورغم التطور الملحوظ لتقنيات الإخراج والتصوير إلا أننا ما زلنا نرى تراجعا في مواهب الطاقات الشابة المنظمة حديثا . فمثلا وبالرغم من اقتناعي في مسلسل «واي فاي» وثقتي بالقائمين عليه إلا أني لا أراه مسلسلا تمثيليا بل هو عبارة عن مقاطع استعراضية قدمها نجوم العمل بطريقة رائعة ومحببة ما جعلت الجمهور يتقبلها بشكل كبير ولكن عندما نمعن النظر فيما قدم الفنان حبيب الحبيب في سياق الأعمال الكوميدية في وقت سابق نجد أن هذا العمل تحديدا أظهر العديد من مكامن الموهبة لديه في تقليد الشخصيات وأيضا في تقليد الصفات والحالات الإنسانية التي يمر بها الإنسان في يومه. هذا ما جعل نجاح الحبيب لا يتخطى حدود «واي فاي» رغم مشاركته في العديد من الأعمال الدرامية هذا الموسم إلا أن ما قدمه في المسلسل الأخير تعدى حدود صورته في عيون المتابعين. ولا ننسى أن ظهور الفنان ناصر القصبي وطارق العلي والطفلة حلا الترك أضفى لمعانا إلى العمل إضافة إلى لمعان نجومه وقد يجوز لنا أن نقول إن المسلسل أعاد الماضي الجميل للنجمين حسن البلام وداوود حسين أمجادهم السابقة في فضائيات وداوديّات والعديد من السلاسل المشابهة لما يقدمونه هذا الموسم من مقاطع استعراضية كوميدية. وللأمانة فوجود الدكتور عبد الإله السناني والشاب أسعد الزهراني في بطولة العمل أضفى لونا لا مثيل له خصوصا موهبة تقليد اللهجات والصفات التي يمتلكها الزهراني وقد نجح في الوصول إلى جمهوره كنجم سعودي صاعد. العمل وبالرغم من كل شيء أدى إلى اكتشاف وجوه مبدعة كالفنان محسن الخريصي الذي قدم اللهجة الحائلية بطريقة مذهلة والتي لفتت أنظار أهل حائل أنفسهم. هذا ما نسميه اكتشاف المبدعين وما كان يحرص عليه قادة الفن الجميل سابقا على رأسهم الفنان محمد العلي وبكر الشدي وعبد العزيز الحماد وعدد من قادة الدراما المحلية سابقا. أما البعض الآخر وباختصار شديد فما يقدمونه في أعمالهم الكوميدية لا يرقى لعرضه على مسرح أحد المدارس الابتدائية وخصوصا من يتعاملون مع التلقين والخطاب المباشر حتى الآن رغم ما نشهده من تطور في الدراما العربية.