الحضور الجماهيري قضية أشبعت طرحاً لسنوات في وسائل الإعلام لمحاولة معرفة أسباب العزوف. تعددت الأسباب وتعددت مقابلها المبررات. الأندية تشتكي من جدولة المباريات، اللجان تبرر، والجماهير تشتكي من الخدمات، ووعود التطوير مستمرة. آخر هذه الوعود ما خرج به اجتماع رابطة المحترفين يوم الأثنين بالموافقة على مشروع التذاكر الإلكترونية وربطها بأرقام المقاعد لتبدأ في جميع الملاعب بنهاية شوال –كحد أقصى-. في الموسم قبل الماضي، بدأ لأول مرة إعلان أرقام الحضور الجماهيري بشكل رسمي في دوري زين، كان معدل الحضور بنهاية الموسم 4,204 مشجع في كل مباراة (وهو رقم ضعيف جداً)، ومع مشاريع تطوير بيئة الملاعب قبل وخلال الموسم الماضي أصبح الرقم 4,374 في المباراة، وهو ارتفاع متواضع يتطلب جهداً أكبر لرفعه، ويبدأ بتحديد هدف (رقم جماهيري) يراد الوصول له. أحد أهم العوامل التي تتحكم بحضور المشجعين هو سعر التذكرة، فهناك مباريات مغرية للحضور بغض النظر عن قيمة تذكرتها، وهناك مباريات يحتاج النادي أن يحفز جماهيره ويغريهم لحضورها. وحول العالم، اعتدنا أن نرى تراوحاً بين أسعار تذاكر المباريات الهامة وباقي المباريات، كما أنه مألوف أن يكون الدخول للمنصة أغلى من باقي الملعب، والكراسي التي في أطراف المدرجات أقل سعراً من تلك التي في المنتصف. بعض الأندية العالمية تضع قيمة أعلى لمباراة أو مباراتين فقط طوال الموسم تصنفها كمباريات من الفئة الأولى، وبعض الأندية ترفع أسعار تذاكر مبارياتها عند استقطابها لنجوم كبار. خلاصة ما سبق أنه ليس من العدل أن تكون أسعار التذاكر ثابتة في جميع المباريات ولجميع الفرق في جميع الملاعب. ماذا لو توسعنا بشكل أكبر في التحكم بالأسعار؟ بأن تكون التذاكر في أيام الأجواء الجميلة بسعر أعلى مما هي عليه في الأجواء الحارة مثلاً! أو أن يكون سعر التذكرة منخفضاً في حال كان الفريق يقدم مستويات سيئة أو بغياب نجومه، بينما يرتفع باكتمال صفوفه وتحقيقه للانتصارات! سينتج عن ذلك الوصول لأكثر تسعيرة عادلة لقيمة التذكرة، وهذا ما بدأ نادي ديربي كاونتي الإنجليزي (درجة أولى) بعمله اتباعاً لما هو معمول به في أندية أمريكية في رياضات مختلفة، وهو ما يسمى ب “التسعيرة المتحركة” أو “التسعيرة بحسب الطلب”. ما هي التسعيرة المتغيرة للتذاكر؟ هي آلية تقوم بالتحكم وتغيير سعر التذكرة لكل مباراة على حده بشكل يومي وقد تكون على مدار الساعة، وذلك بناء على عدة عوامل منها: (أداء الفريق، الفريق المقابل، توقيت المباراة، الطقس يوم المباراة، وغيرها) مما يؤدي للوصول إلى أكثر الأسعار عدالةً للتذكرة. هذه الطريقة هي كأي عمل آخر تحمل مزايا وعيوب، فهي قد تسبب التردد لدى الجمهور أو انتظارهم للحظات الأخيرة أملاً بسعر أفضل، لكنها في نفس الوقت تعطي مرونة وخيارات أكبر للشراء وتحقق الوصول لشريحة جديدة من الجماهير. أما في ملاعبنا، فقد قام نادي الأنصار في بداية الموسم الماضي برفع أسعار تذاكر مباراته ضد الأهلي من 20 إلى 30 ريالاً، مما دعا هيئة دوري المحترفين آنذاك للتدخل والتأكيد أنه ليس من حق أي نادي أن يرفع أسعار التذاكر وأنها موحدة على مستوى المملكة! أتمنى أن تكون هناك مرونة أكبر من قبل الرابطة، بإعطاء مساحة أوسع لأنديتنا كي تحاول أن تبدع في هذا المجال الذي سينعكس مباشرة على الحضور والإيرادات، وهو مطلب الجميع.