بين عادل إمام ومحمود عبدالعزيز، عداوة، وضغائن قلوب، كان مسلسل «دموع في عيون وقحة» أول دراما تليفزيونية عن الجاسوسية، والثاني على الإطلاق بعد فيلم محمود ياسين «الصعود إلى الهاوية» الذي صارت بعده مديحة كامل نجمة أولى، قبل أن تنطفئ فجأة وإلى الأبد، دموع في عيون وقحة كان الأجمل، أثبت فيه عادل إمام قدرة عجيبة وقدم من خلاله مهارة فنية راقية، لم ينجح في تقديمها سينمائيا إلا بعد ذلك بزمن، لكنه تليفزيونيا كان يفعلها للمرة الثانية، سبق له أن قدم أداء باهراً في مسلسل رائع هو «أحلام الفتى الطائر»، أظن أن أمرين نجحا في تكدير صفو نجاح «دموع في عيون وقحة»: ظهور بطل الحكاية الحقيقي في المسلسل، عبر حوارات تليفزيونية وصحفية، لم يذكر فيها عادل إمام بخير، لا عادل إمام ولا المسلسل، وكان اسم الرجل الثاني الذي نجح في تكدير الصفو: محمود عبدالعزيز، الذي قدم دور العمر في مسلسل العمر «رأفت الهجان»، وهو المسلسل الذي كان بين يدي عادل إمام، وطار منه فجأة، لأسباب أظن أن أهمها كان اعتراضات عادل إمام نفسه على السيناريو، حيث لم يتقبل أن يولد البطل ميتا! ما لم يتقبله عادل إمام حقيقة: قدرة محمود عبدالعزيز العجائبية على إحياء الميت درامياً، والنهوض بالمسلسل إلى كل هذا الصيت، بعدها صارت الخلافات، أحيانا عيني عينك، وأحيانا عيني أذنك، وأحيانا أذني أذنك، خاصة وأن الهجّان كشف عن مواهب كوميدية مدهشة، بالرغم من ذلك ظل تقطيب حاجب ورفع حاجب يكفي الزعيم لنسف كل شيء، فاكتفى الهجّان بمسرحية واحدة، لكنه فجّر سينمائيا طاقات هائلة، الصراع كان سينمائيا، كل يحاول خطف دور الآخر، وفي الغالب الزعيم غالب، إلى أن جاء محمد هنيدي فقطع النور والماء عن جيل كامل لم ينتبه لشيخوخته إلا مرغماً، لولا هنيدي لمازلنا نشاهد «بوسي» بضفيرتين وشنطة كتب وخلفها ساعة الجامعة الشهيرة، لم يجد الهجّان قشة يتمسك بها، ووجد عادل إمام «يوسف معاطي» فنجا بأعجوبة، قبل سنوات كادا يجتمعان في فيلم، ارتعب الزعيم وظل يقترح «نور الشريف» بديلا، فهذا لم يكن خفيف ظل يوماً، وفجأة صار ثقل دمه لا يطاق، وعلى طريقة «رصّه بالموت يرضى بالمرض»، رضي الزعيم بعمر الشريف بديلاً، فكان «حسن ومرقص»، الزعيم والهجّان يطلّان علينا هذا الموسم، كل على حدة في مسلسل من بطولته، غدا أو بعده.. نقف عند الحيطة ونسمع الزيطة!