أيام قلائل وتنطلق فعاليات مهرجان الربيع بالمخواة وسط أمنيات جذلى بأن يحمل المهرجان الجديد والممتع والمشوق. الفاصلة الأكثر بروزا من وجهة نظري هي التفاتة إمارة المنطقة لأمر غفلت عنه كثير من المهرجانات السابقة وهو المتابعة والتقييم لجميع البرامج والفعاليات، حيث كانت المهرجانات السابقة تركز على حفل الافتتاح ثم تنسى بعد ذلك بقية الفعاليات، بل إنها قد لا تقام وإن أقيمت فهي لمجرد تسجيل رقم في قائمة البرامج لا أكثر!. وهذا الواقع المغلوط أساء للمهرجانات السابقة وأفقدها قوتها وفرّغها من مضمونها وهز مكانة المهرجان في نظر المتلقي الذي يمثل قاعدة الهرم، حيث هو المستهدف منها، ولأجل إسعاده والترويح عنه وُجدت مثل هذه المناشط، لكن واقع تلك المهرجانات جعل منها غير ذات معنى عند المتلقي. من نافلة القول التأكيد على أنه من الطبيعي أن تحظى حفلات الافتتاح بالكثير من الاهتمام لأنه – أي حفل الافتتاح – واجهة المهرجان، ويحظى بتشريف المسؤول الأول ويجب أن يكون ما يقدم فيه يليق بالمناسبة وراعيها وفكر القائمين عليها مع ضرورة ربطه بشخصية المكان. وفي المقابل تمثل بقية البرامج والفعاليات والنشاطات المختلفة الممتدة على مدار أيامه القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها أي مهرجان. ونجاح حفل الافتتاح لا يعني بالضرورة نجاح المهرجان بوجه عام، والحكم بذلك – إن حدث – يعد حكماً غير دقيق ولا يتسم بالصدق المعياري. ولا ننافق عندما نقول إنه يحسب لإمارة المنطقة أنها تنبهت لواقع المهرجانات وتوغلت في تفاصيل ما يجري على أرض الواقع، وهذا يؤكد أن هناك فكراً جديداً ورؤية جديدة تُدير مفاصل العمل بمختلف قطاعاته، نلمسها من خلال مثل هذا التوجيه الذي يعبر عن متابعة دقيقة وناضجة وعن عمل منظم يتسم بالشمول ويهتم بكل التفاصيل، ومثل هذا التوجه يعد مرتكزاً رئيساً لنجاحات منتظرة. ويبقى الدور الأكبر على عاتق الجهات المنظمة، حيث يتطلب النجاح تدارك القصور الذي كان يرصده المتابع من ضعف اهتمام بالفعاليات التي تعقب ليلة الافتتاح حتى ترسخت قناعة لدى الكثير من المسؤولين والمتابعين أن المهرجان هو (حفل افتتاح فقط)، بل أكاد أجزم أن الكثير ممن يمثلون الشريحة الأعرض لم يسمع عن كثير من الفعاليات السابقة، أما المقيمون فهم خارج الاهتمامات حتى اللحظة، على الرغم من كونهم مصدر إثراء لم نلتفت له بعد لأننا مازلنا نتعامل مع المهرجانات بعقلية الموظف لا الخلاق والمبدع، فيما تظهر إشكالية المركز والأطراف كعرض مزمن. تجاوز هذا الواقع ممكن بصدق التوجه نحو حسن اختيار الفعاليات التي تحظى باهتمام الفرد البسيط لا النخبة فقط، ومعرفة ما ينشده المستهدف بالفعاليات أمر حتمي لضمان الإقبال وشمول الشرائح كافة (المرأة والطفل والشباب والمواطن والمقيم والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة) بالبرامج، لأن من أبسط حقوقهم أن يستهدفوا ببرامج تجمع بين الترفيه والثقيف والعمق وتتوافق مع تفضيلاتهم. ولعل الدور الأهم في رصد واقع المهرجان لا يقع على عاتق الجهات الحكومية فقط، بل إن المواطن شريك في التفاعل ونقل الصورة بأمانة فيما تمثل الوسائط الإعلامية المتاحة حجر الزاوية.