أن تتعطل الرحلات الجوية في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة لأكثر من خمس ساعات فإن ذلك سيُرجع إلى ذهنك السوي جدا كل الكوارث التي مرت بها جدة، وستغرق أفكارك في شبر مَيّة.. هذا الشبر من المياه لن يتجاوز مشاهد السيول. وإن كانت ذاكرتك “نشمية” فستتذكر انقلاب القطار! أرجَعَ خيال الدراما المحلية الغارق في مشاهد السيول أسباب تعطل رحلات مطار جدة لأمرين: الأول أن “البنزين خلص” والثاني أن “عمال تعبئة الوقود أضربوا عن العمل”. أن نعرف الحجم الفعلي لجملة “البنزين خلص” فهذا يحتاج لأن ندرك جيدًا الفرق بين وجود وغياب البرلمان الشعبي المنتخب. وأن تعرف ماذا يترتب على جملة “عمال تعبئة الوقود مضربين”، فهذه أيضا معضلة اجتماعية يصعب استيعابها ونحن نقف تحت “مظلة” تُغيّب النقابات العمالية عن العمل! وبعد أن اتضح في نهاية اليوم أن تعطل 12 رحلة في مطار جدة مساء أمس الأحد، كان سببه عطلاً فنياً في الخط الرئيس المغذي لشبكة وقود المطار، والتابع لشركة أرامكو، فإن اللوم في انتشار شائعات بهذا المستوى من الخيال المحلي الجميل: “البنزين خلص” و”الاضراب العمالي”، يقع على القصور في النص الدرامي الذي لم يثريه استجواب علني ولم يتجاوز الإعفاء! كلنا نعلم أن الإدارة هي مفتاح التنمية، غير أن قلة يعرفون الفرق بين الادارة بالبركة والإدارة الفعالة التي تعتبر المساءلة والإجابة (المحاسبة) من أهم عناصرها بالإضافة إلى عنصر ثالث لا ينقصنا وهو امكانيات الدولة. وحتى نبلغ عنان ذلك سيظل الناس يبحثون عن هاش تاقات في تويتر ونواصي في المدونات لممارسة هذا الدور في اطلاق شائعات والمحاسبة بناءً عليها، وأرجو أن لا يُثقل عليهم أحد بأي عتب وبخاصة اولئك الذين أدركوا الفرق منهم.