المتأمل للحراك الفكري في السعودية يجد أن التيار الديني والتيار العلماني والليبرالي الأكثر بروزا في مجتمعنا، وكل يؤخذ من كلامه ويرد مع أن بعض التيارات ذات التطرف الليبرالي تقول يؤخذ منها القليل وهذا من وجهة نظري الشخصية لم يعد خفيا أننا نرى معارك لا ناقة للمواطن السعودي بها ولا جمل وإنما هي معارك شخصية بالدرجة الأولى والحراب توجه بنية قتل أفكار الآخر مع احترامي للتيار الإسلامي فإن البعض يقاتل متحمسا وغير مستهين بعدوه ونقيضه مدافعا عن شخصه ربما عيب اللبراليين في بلادنا أنهم يتحدثون عن بعض الحق ويغرقون السماء والأرض بالكلام والكلام فقط وهم بعيدون جداً عن الناس ومنشغلون بالحديث وعرض قناعاتهم وأفكارهم في الوقت الذي هم غير مستعدين لسماع صوت آخر لا يشبههم. والتيار الديني ألزم نفسه بالدفاع عن كل ما يرمى من كلام ويستفيض استفاضات غير مبررة لأطروحات لم تلق أذن صاغية فضلا أن تلقى قبولا واستجابة كان الأجدر بهم أن يعرضوا بضاعتهم ليس بكثير الجهد والعمل بل بمجرد أن يكونوا أذن تسمع للمواطن ولسان يتحدث عن همومه ماذا يضر لو تحدث علماؤنا عن البطالة وتأخر بعض المشاريع في البلد؟ والسعودة وأعمال البناء والسياحة المظلومة في بلدنا؟ والشباب المقصى اجتماعيا؟ فمثلا قضية سخيفة مثل ممارسة الرياضة في مدارس البنات قضية تناولتها الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض بينما المجتمع المتدين بطبعه وغالب طلاب العلم والمتدينين لا يعارضون تلك الفكرة لكنهم اختاروا الصمت بينما كبرت القضية بين طرفين لا يشكلون غالب المجتمع! للأسف في مجتمعنا يتحدث من يريد التحدث ومن يجب عليه التحدث لا يمارس دوره ولهذا الصحافة والإعلام سعيدان بالنشر، لأن الخلاف السخيف يخلق دراما صحفية طويلة الحلقات! أتمنى أن تكون فكرتي قد وصلت بكل الحب للمعنيين بها. بقي أن أطرح بعض الأسئلة لأسند فكرتي: متى تكلم العلماء وطلاب العلم عن واجب السعودة وحق الشباب بالعيش بكرامة؟ وحقوق المطلقات وتلك القوانين التي تموت سريرياً بين مجلس الشورى والجهات المختصة لسنوات طويلة؟ وحق الحضانة وحق المواطن في قطار جديد عالي الجودة والسرعة والكفاءة؟ لماذا ينتظر العلماء أن يستفتيهم الناس في حقهم الطبيعي؟ بالرقابة على المطاعم وعبث المستشفيات والعيادات الخاصة؟ لماذا يشعر بعض طلاب العلم أن المطالبة بنوادي للشباب ومحاولة القضاء على بعض الظواهر السيئة من تفحيط وسرقة قناني الغاز والتسكع على الطرقات أن محاولة الحل مجرد المحاولة تخرم المروءة ؟ لماذا لا يشعرنا العلماء وطلاب العلم أنهم مبادرون لأجلنا نحن المواطنون (الأتباع لهم فيما يقولونه لجهلنا بما يعلمونه)؟ لماذا يشعر بعض طلاب العلم أنهم أنقياء وأطهار وأنهم مختلفون عن سائر الناس؟ وأنهم ملزمون في كل صغيرة وكبيرة أن يسألوا: هل هذا يخرم المروءة أم لا؟ هل هذا يقلل من هيبتي في أعين الناس؟ لماذا ينتظر بعض طلاب العلم أن ينقل عنه الناس رأيه وأنه مؤيد لحقهم في كذا أو معارض له؟ والسؤال الكبير لماذا يلزمون أنفسهم بالدفاع عن الدين بينما كان الأجدر أن يكونوا المبادرين لأجل الدين؟ أعيب على الإسلاميين أنهم يشعروننا أنهم عاجزون وأعيب على العلمانيين واللبراليين أنهم أصحاب شهوة كلام يصرون على الحديث والحديث فقط ويقصون الآخر! أكبر نعمتان لدى الشعب السعودي هما خدمات التواصل الاجتماعي وشباب منفتح موحد، ومحب للخير، وغير مؤدلج كثيرا، يسمع الأذان كل يوم خمس مرات، ومطلع على آخر ما توصل له العالم، ودود للغاية، ولديه نرجسية جميله في الكتابة لكنها تختفي في الحياة الواقعية.