يتذمر كثير من جماهير الكرة والنقاد الرياضيين حول العالم من الضخ المالي الكبير الذي تقوم به بعض الأندية بعد أن تنتقل ملكيتها لأثرياء من الشرق الأوسط أو روسيا تحديداً، والذي يدفعهم لاستقطاب أفضل اللاعبين بقوة المال. هذه الظاهرة بدأت تتضح بشكل أكبر في العقد الأخير، فبعد نجاح الروسي إبراموفيتش مع تشيلسي، وبعده الشيخ منصور بن زايد مع مانشستر سيتي، نرى باريس سان جيرمان حالياً هو متسيد سوق الانتقالات وماردها الأكبر، حيث صرف النادي منذ استحواذ شركة قطر للاستثمار عليه الصيف الماضي وحتى الآن ما يقارب 200 مليون يورو على انتقالات اللاعبين! هذا الامتعاض لا يتوقف عند حدود جماهير الكرة ومتابعيها الذين لن يعجبهم بطبيعة الحال تغير خارطة القوى متأثرة بقوة المال! بل حتى الإتحاد الأوروبي بدأ بتنظيم قوانين مالية للحد من الإنفاق إلا ضمن معايير محددة وسماها “اللعب المالي النظيف“. التذمر يتجاوز هؤلاء ليصل كذلك للقائمين على الأندية، والذين سيُحرجون أمام جماهيرهم عندما تقدم لهم عروض لانتقال نجومهم بمبالغ لا يستطيعون رفضها، فكما قال بيرلسكوني رئيس ميلان أنه ببيعه نجمي فريقه إبراهيموفيتش وتياغو سيلفا قد وفر قرابة 150 مليون يورو. إضافة لذلك، لا يجب أن نغفل التضخم الذي تتسبب فيه مثل هذه الصفقات على أسعار سوق اللاعبين، لاسيما أن هذه الأندية تضطر لرفع قيمة جلب اللاعب لإقناعه باللعب في فريق لا يصنف ضمن فرق النخبة. في عالم كرة القدم، هناك أموال تصنع من داخل الوسط الرياضي (كإيرادات التذاكر والنقل التلفزيوني ومنتجات النادي وعقود الرعاية وغيرها)، وهناك في المقابل أموال تأتي من خارج الوسط الرياضي (مثل أموال مالكي الأندية أو الدعم الحكومي أو أي تسهيلات أخرى). ودخول أموال إلى الوسط الرياضي لم تُصنع من خلاله هي مسألة تؤرق إدارات الأندية الأخرى التي تخشى أن لا تستطيع مجاراة هذه القوى المالية وارتفاع الأسعار الذي سيتبعها. ومثالاُ لذلك ما كان قد ذكره “سوريانو” نائب رئيس برشلونة السابق في كتاب يحكي تجربته مع النادي، وكذلك “بيتيغا” نائب رئيس يوفنتوس وذلك بعد أن قام ريال مدريد باتمام صفقتيه التاريخيتين في 2000 و2001 بجلب فيغو من برشلونة (بحوالي 60 مليون يورو) وزيدان من يوفنتوس (76 مليون يورو) في صفقتين لا تزال حتى اليوم ضمن الأغلى في تاريخ كرة القدم. يقول النائبين أنهما أنفقا كل ما جنوه من هاتين الصفقتين مباشرة لجلب لاعبين آخرين، خاصة أن الأندية التي ستتفاوض معهم تعلم جيداً بالسيولة المتوفرة لديهم إضافة لحاجتهم للاعبين، مما تسبب بتضخم أثر على أسعار السوق في ذلك الحين. بقي أن أشير إلى أن الأموال التي دفعها نادي ريال مدريد كانت قد توفرت له بعد أن استطاع بيع عقارات يملكها إلى بلدية المدينة، مما منحه قوة مالية لا تتوفر لدى أي من منافسيه، وهو مشابه لما يراه البعض في حالة انفاق باريس سان جيرمان حالياً.