لفت انتباه الأصدقاء الثلاثة الذين أنهوا للتو نقاشهم حول الرئيس الجديد ومهامه ملصق أبيض على أحد جدران مقهى، الملصق شمل سؤالا سياسيا مباشرا وجادا ومربكا “لو كنت الرئيس – لو كنت الرئيسة”… لحظات وضع الأصدقاء الثلاثة أنفسهم في المنصب الرئاسي الرفيع في مصر، الذي تنافس عليه ثلاثة مرشحين منذ أسابيع قليلة، راسمين مستقبل بلادهم من بنات أفكارهم. وهو ما وضعهم في موقف محرج لاضطرارهم للإجابة عن نفس المشكلات التي انتقدوها منذ دقائق. وبينما شرع في إطلاق العنان لأفكاره، قال محمد عبد المنعم، مهندس ديكور، 26 عاما، “السؤال مربك محير.. كان الله في عون الرئيس”، وتابع عبد المنعم ل”الشرق”: “أولا سأهتم بعودة الأمن وتحقيق الاستقرار وانضباط المرور عبر دعم الشرطة”، وأضاف عبد المنعم، الذي لم يشارك في أحداث الثورة لكنه دعمها، “الجمهورية الثانية تبدأ من الشارع المصري.. البداية من تحقيق النظام في الشارع المصري”. وبعدما نظر لأصدقائه الشباب، قال عبد المنعم “سأعمل جاهدا على جعل فريق عملي خليط من الخبرة والشباب لخلق فريق عمل قادر على التجاوب مع مشكلات المواطنين بشكل يمزج بين الإبداع والخبرة”. اللافت، أن الأصدقاء الثلاثة أخذوا السؤال “لو كنت الرئيس” بجدية صارمة ودون مجرد التفكير بالإجابة بطريقة هزلية. وبعدما عدل من وضع نظارته الطبية، انفجر أحمد نبيل، طبيب بيطري، 23 عاما، في إصدار قراراته الرئاسية بجدية بالغة قائلا ل”الشرق”: ” أولا تشكيل حكومة متوازنة، ثانيا إلغاء الإعلان الدستوري المكمل أو الاستفتاء عليه، ثالثا إصدار قوانين تحمي حقوق الإنسان”، وتابع نبيل، الذي يعمل في مزرعة حيوانية خارج القاهرة، “رابعا فتح آفاق للاستثمارات الجديدة في مختلف المجالات وأخيرا سأتواصل بشكل أسبوعي مع المواطنين عبر التلفزيون”. وبعد أن أخذ دوره في الكتابة على الملصق، قال محمد جمال مصطفى، مسؤول تدريب بشركة عالمية في مصر،”أولى قراراتي ستكون العفو عن معتقلي الثورة وضباط الثامن من أبريل ونقل مصابي الثورة للعلاج بالخارج، سأعلن تشكيل وزارة بقيادة عبد المنعم أبو الفتوح، إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإعادة محاكمات لرموز النظام السابق”، وتابع جمال بعدما ألقى نظرة لمجموعة من الشباب العاطلين عن العمل في المقهى، “قراري الأهم هو إطلاق مشروعات قومية في الإسكندرية وسيناء والصحراء الغربية والصعيد عبر جذب المستثمرين الأجانب لمؤتمر عالمي”. المثير أن قصة الملصقات برمتها لا تعود فكرتها لناشط مصري بل لفنان تشكيلي سوداني يقيم في القاهرة، وكشف أمادو الفادنى، 36 عاما وصاحب الفكرة، إن الفكرة جاءت له حين لاحظ ارتباك بعض المواطنين من فهم ملصقات مرشحي الرئاسة خاصة أنها لا تحتوي على برامجهم السياسية أو الاقتصادية، وقال أمادو ل”الشرق”: “فكرت في جعل المواطن يكتب برنامجه وآماله وطموحاته بنفسه جوار ملصقات المرشحين”، ولفت أمادو أن أحدا من المرشحين أو المسؤولين لم يهتم بالأمر أو يسأله عن شكاوى وطموحات المصريين. وقام أمادو بلصق مئات الملصقات في محافظات القاهرةوالإسكندرية والمنصورة وبورسعيد والمنيا خاصة في الأماكن الشعبية والمهمشة بعيدا عن مراكز الحدث في وسط القاهرة أو ميادينها التي تشهد اضطرابات، كاشفا أنه يعود للملصقات لجمعها والتعرف على شكاوى المواطنين، وأشار أمادو أن بعضهم يأخذ الأمر بسخرية بالغة يكتب قرارات ومطالب ساخرة منها مثلا جعل صورة بطاقة الهوية المصرية بالألوان.