«لا شيء سيتغير ما لم تتغير»! هكذا توسطت هذه العبارة ظهر العامل بمقهى بوكتشينو، كما توسط المقهى قائمة المقاهي المميزة في المنطقة خلال سنة. ولم يتميز هذا المقهى بالتميز المعتاد عليه في التصميم، ودقة الموقع، و اختلاف المذاق به فقط، بل تفرد بالفكرة ذات الهدف الأعمق، وعمل من هو على أمره بشكل صادق حتى خرج بحلة ثقافية توحي بالصحوة و ولادة الاختلاف من رحم التشابه. فبالنظر للمقاهي من حوله، لا شيء يثير الإعجاب سوى تصاميم بكماء لا تحادثنا حين ننظر إليها، أو مذاق قهوة ندفع بها للبائع حين نهم بالمغادرة. فخرج بوكتشينو بهدف فكري أولاً، وهذا ما أرى تميزه به، إذ كان التركيز على إحلال رؤية جديدة من خلال القراءة ومداعبة القهوة في نفس الحين، فابتعد المشروع عن كونه تجاريا فترك أثراً يرافق من يدخله حتى بعد خروجه منه وربما عاد إليه حتى يلتمس المزيد من الأثر. ولم يكن بوكتشينو يحمل الفكرة فقط بل أُسساً علمية وعملية عملت على تغذية المجتمع بها، حيث وضع الكتب واحتضن المقهى أندية القراءة وأقام الكثير من الفعاليات التي تعنى بالكتاب وقراءته واستجاب طوعا لكل الأفكار التي تطرح له فاحتوى الأطفال أيضا حين حضورهم. إن قراءة الكتب في مكان هادئ ومع أشخاص إيجابيين يبادلونك الرأي بحرية ورقي أمر يدركه الأشخاص الذين تعمقت بهم الكتب وروائحها لذا فأن أنسب الأمكنة لمزاولة القراءة لمن لا يقرأ هو بوكتشينو حتى يهيئ لنفسه طريقا مريحا للاستمرار مع القراءة. وعدد من لا يقرأ في البلد يفوق من يقرأ، لذا أقترح أن تهتم وزارة الثقافة والإعلام بهذا العمل وأن تحتضنه وتدعم الشباب ذوي الفكر الرائع الذين يقفون خلفه، لنرى هذه الفكرة منتشرة حتى في أطراف القرى وحتى تعود المقاهي مراكز ثقافية فكرية لا تجمعات شبابية، أمسها كيومها، بلا فوارق أو فوائد. وأعود لشعار المقهى «لا شيء سيتغير مالم تتغير» وكأنّ المعني هنا إحدى الوزارات وآلياتها التقليدية!